عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 25-Jun-2008, 03:20 PM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
منصور الأجدع
عضو نشيط
إحصائية العضو






منصور الأجدع غير متواجد حالياً

افتراضي

بدع صوفية الحجاز


أولاً: بدعة المولد النبوي


أول من ابتدع هذه البدعة هم الفاطميون العبيديون من الباطنيين سنة (361هـ) [انظر المقريزي في خططه (1/490) والقلقشندي في صبح الأعشى (3/498) والسندوبي في تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي(69) ومحمد بخيت في أحسن الكلام (44) وعلي فكري في محاضراته(84) وعلي محفوظ في الإبداع(126)]. وليس هو الملك المظفر صاحب إربل كما يشيعه البعض لأن هذا أخذ هذه البدعة من الشيخ عمر الملا من كبار المبتدعة الصوفية وهو أخذها من العبيديين، ثم إن البدعة لا تقبل من أي أحد لنصوص الأحاديث الواردة في ذم الابتداع.
وقد نقلها العبيديون إلى الحجاز عندما احتلوه فأشاعوه بين العامة هناك، وتبناه شركاؤهم في الغلو في القبور وهم الصوفية، ومن ذلك الوقت وهو يقام في الحجاز على أنه سنة حسنة، ودليل على محبة الرسول ولنيل البركة.


إقامة المولد في الحجاز عبر التاريخ:


أول من أقامه العبيديون كما سبق، وقد ابتدعوا فيه عدة بدع فهم يحتفلون فيه احتفالاً صاخباً، ويوزع فيه الحلوى والكعك، وتوزع هذه الحلوى على المشاهد والقراء والفقراء، ثم تقرأ الحضرة بحضرة الوالي، وتوزع الأموال، ثم يخطب فيهم الخطيب إلى أن يصل إلى ذكر النبيصلى الله عليه وسلم فيقول: وإن هذا يوم مولده إلى ما من الله به على ملة الإسلام من رسالته، ثم يختم كلامه بالدعاء للخليفة، ثم ينصرف الوالي وينصرف الناس. [الخطط للمقريزي (1/490)]
وتستمر الموالد على هذه الوتيرة في الحجاز فنرى مثلاً في العهد العثماني أن إقامة المولد مشابهة لما كان يفعل في عهد العبيديين؛ فإنه يعمل في المدينة بعد طلوع الشمس صبيحة الثاني عشر من ربيع الأول يقوم به أربعة من الأئمة في صحن الحرم الشريف فيرقى الأول على الكرسي المخصوص للقراءة ويقرأ الحديث وينزل بعد أن يدعو للسلطان ثم يرقى الثاني فيقرأ عن المولد والولادة ويدعو وينزل، ثم يرقى الثالث ويقرأ الرضاع، ثم يدعو وينزل، ثم يرقى الرابع ويقرأ الهجرة ويدعو وينزل وينصرف الجميع بعد أن يشربوا «الشربيت» ويأخذون «الحلاوة اللوزية». [رسائل في تاريخ المدينة عام (1303هـ)]

أما في مكة المكرمة فنجده يختلف بعض الشيء: ففي ظهر يوم الحادي عشر تطلق المدافع إعلاناً لهذه المناسبة، ومع صلاة المغرب التي هي بداية اليوم الثاني عشر من ربيع الأول يبدأ تجمع الناس بأعداد خيالية وتأتي النساء بملابس العيد في كامل الزينة وكذا الأطفال فيحدث في ساحة المسجد الكثير من الصخب، وتوزع الحلوى حتى في المسجد، وبعد الانتهاء من صلاة المغرب تضاء المصابيح في المسجد بأعداد كبيرة أكثر من المعتاد ويبقى الجمهور بعد ذلك قرابة نصف ساعة في حركة دائمة يحيي بعضهم بعضاً، والقليل منهم يستمع إلى الإمام يتلو قصة المولد حيث يكون في مكان الصدارة شريف مكة والوالي التركي مع حاشيتيهما. وحينما تنتهي قراءة المولد نشاهد هرجاً كبيراً داخل المسجد فالكل يريد أن يرى الشريف ورجاله حيث يمشون بخطى وئيدة ويحملون القناديل المضيئة عبر «أسواق القشاشة» «وسوق الليل» إلى بناية القبة في الشعب (شعب علي) حيث رأى رسول اللهالنور لأول مرة.

وأمام هذا الموكب يسير «الريس» وهو كبير المؤذنين ينشد الأناشيد في مدح الرسول، وعند الوصول إلى مكان الميلاد يدخل هذا الحشد إلى مكان المولد حيث وضعت هناك قبة حتى أن من بنى القبة عين موقع إهلالهحين الولادة وجعل مكانه نقرة مجملة بالمرمر يطيبها السادن، فيأتي الزوار يلمسونها بأكفهم تبركاً ويقرؤون الفاتحة وبجوار موضع المولد مكان يكون فيه بعض الدراويش من أهل الطرق الصوفية يقرؤون المولد ويقيمون حلقة الذكر والرقص، ويقرؤون شيئاً من سيرة الرسول، ثم تقام صلاة الجماعة. وخلال الليل تقام حفلات السمر في حين يقوم المتصوفة بتكوين حلقات يرددون فيها بصورة جماعية قصائد «البردة» «والهمزية» وأشعار المديح الأخرى [التي فيها من الشرك ما الله به عليم].[صفحات من تاريخ مكة لسونك]

ومن الأهالي من يقيم في بيته تلك الليلة أو يومها حفلة يدعو إليها من يريد من أصدقائه، وعندما يتكامل جميعهم يقرأ أحدهم قصة المولد، وأكثر القصص قراءة وتلاوة القصة التي رتبها شيخهم «البرزنجي» وهو من علماء المدينة النبوية وهي قصة مسجوعة وعند ذكر إهلاله في القصة يقوم الجميع وقوفاً يرتلون كلمات الترحيب «مرحباً يا مرحباً جد الحسين مرحباً يا نور عيني» . ثم تمد الموائد بما تهيأ من طعام، وينصرف بعد ذلك كل إلى شأنه. [مكة في القرن الرابع عشر لمحمد رفيع (124)]

أما في العهد السعودي فقد منعت هذه المظاهر البدعية والمجاهرة بإقامة المولد لما فيها من مخالفة لهدي النبيإلا أنها لا تزال تقام إلى الآن من قبل متصوفة الحجاز ولكن سراً في منازل الموسرين، أو قصور الأفراح والاستراحات، وهي تعقد تحت شعار ذكر المولد النبوي الشريف وليس خاصاً عندهم بشهر ربيع الأول ولا باليوم الثاني عشر منه إلا أن له مزية خاصة، وهم يقيمونه عند وجود أية مناسبة من موت أو حياة أو تجدد حال. وكيفيته: أن تذبح الذبائح وتعد الأطعمة ويدعى الأقارب والأصدقاء وقليل من الفقراء، ثم يجلس الكل للاستماع فيتقدم شاب حسن الصوت فينشد الأشعار ويترنم بالمدائح وهم يرددون معه بعض الصلوات، نحو:
صلى عليك الله يا علم الهدي ما حن مشتاق إلى لقياك
بإشباع الكاف من (لقياك). ثم يقرأ قصة المولد حتى إذا بلغ: «وولدته آمنة مختوناً» قام الجميع إجلالاً وتعظيماً، ووقفوا دقائق في إجلال وإكبار تخيلاً منهم وضع آمنة لرسول الله، ثم يؤتى بالمجامر وطيب البخور فيتطيب الكل، ثم تدار كؤوس المشروبات من «شربيت» وغيرها، ثم تقدم قصاع الطعام فيأكلون وينصرفون وهم معتقدون أنهم قد تقربوا إلى الله تعالى بأعظم قربة.

ومما يجدر التنبيه إليه هنا أن جل القصائد والمدائح التي يتغنى بها في المولد لا تخلو من ألفاظ الشرك وعبارات الغلو الذي نهى عنه رسول اللهبقوله: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، وإنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا عبد لله ورسوله» كما يختم الحفل بدعوات تحمل ألفاظ التوسلات المنكرة والكلمات الشركية. [الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف لأبي بكر الجزائري ص 30]

وقد يرقص الصوفية في المولد؛ يقول الأستاذ أحمد الخريصي كنت عامي (1401-1402هـ) أستاذاً بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وهناك قدر لي حضور المولد ولكني ندمت على حضوري إذ إن المنشدين الذين ترأسوا الحفل متصوفة غلاة من أصل تركي وأتباعهم كذلك، وقد فتح لهم شيخهم مجال الرقص الصوفي «العمارة» حيث مكثوا يركضون بأرجلهم على الأرض وأصوات حناجرهم ترتفع بـ«دهه، حح، هي» نحو الساعة إلا ربعاً حتى ابتلت أقمصتهم من العرق رغم المكيفات والمراوح حيث كان المنظر مشوهاً وثقيلاً على النفس.
وجمعية المنشدين بالمدينة المنورة يوجد مقرهم بالمسجد النبوي من الجهة التي تحاذي بابي «الرحمة والسلام»، وهم عدة جمعيات يتحلقون عادة بين العشائين، كل جمعية لها أفراد ويسند الشيخ ظهره إلى سارية، وشعارهم عندما يجتمعون هو تلاوة القرآن بالتناوب، وتعقد هناك صفقات إحياء الموالد. [المتصوفةو بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (113-115)]

تنبيه: تعددت الآراء في سبب قيام الصوفية في المولد عند ذكر مولد الرسولصلى الله عليه وسلم

1- قيل للترحيب بالنبيحيث يعتقد بعض الصوفية أن النبييحضر بجسده الشريف مجلس الاحتفال وقد يوضع له البخور والطيب على أساس أنه يتبخر به ويتطيب، كما يوضع له الماء على أساس أنه يشرب منه لذا يتبركون بهذا الماء بعد انتهاء المولد. [انظر حول الاحتفال بالمولد لمحمد علوي المالكي ص 24]
2- أن القيام بسبب حضور روح النبيفي تلك اللحظة وهذا اختاره محمد علوي المالكي[المرجع نفسه ص 25]
3- أن ذلك القيام لتشخيص ذات النبي، جاء ذلك في نظم البرزنجي ونصه:
وقد سن أهل العلم والفضل والتقـى قياماً على الأقدام مع حسن إمعان
بتشخيص ذات المصطفى وهو حاضر بأي مقـام فيه يذكـر بـل دان
ومعنى التشخيص هو لتصور شخص النبيفي الذهن فيقوم الناس احتراماً وتقديراً لهذا التصور.
4- وقيل مقيس على القيام الذي وقع من الشيخ السبكي حيث كان عنده كثير من العلماء فأنشد منشد قول الصرصري في مدحه للرسولصلى الله عليه وسلم
قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب
وأن تنهض الأشـراف عند سماعه قياماً صـفوفاً أوجثياً على الركـب
فعند ذلك قام السبكي وجميع من في المجلس فحصل أنس كبير، يقول علي الحلبي صاحب السيرة الحلبية: ويكفي فعل السبكي للاقتداء.