عن كعبٍ بن مالك رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا الرِّيحُ تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لَا يُفِيئُهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً" وفي رواية: "وَتَعْدِلُهَا مرة حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ الَّتِي لَا يُصِيبُهَا شَيْءٌ". [رواه مسلم]
قال الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله تعالى:
المراد بهذين المثلين المصائب التي تصيب المؤمن، ولا تصيب الكافر –غالبا- ذكر أن المؤمن مثله كمثل الزرعة؛ أي الزرع الذي هو زرع البر ونحوه.
نشاهد أن الزرع تأتيه الرياح من الشمال فينجعف إلى الجنوب، وتأتيه من الجنوب فينجعف إلى الشمال، وتأتيه من الغرب فتجعفه شرقا، وكذلك عكسه، فالزرعة دائما للينها .. وتميل تميلها الرياح شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؛ أي أن المؤمن تأتيه المصائب في كل حين، فيصاب في ماله، ويصاب في أهله، ويصاب في طريقه، ويصاب في بدنه، ويصاب بمرض وعاهة وما أشبه ذلك.
ولا شك أن هذه المصائب فيها حكمة أو حكم، فمن ذلك:
اختبار إيمانه، واختبار قوة يقينه، فإذا علم بأن المصيبة من الله تعالى صبر واحتسب، وعلم بأن هذا اختبار فقوي بذلك إيمانه، كما ذكر الله تعالى ذلك عن المؤمنين في قوله: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ).
وإذا كان في إيمانه ضعف فإنه لا يصبر على المصائب بل يشتكي ويتضجر، وكأنه يشكو الله تعالى، وكأنه .. من أمر الله تعالى، ولا يتحقق أن هذا اختبار وامتحان من الله تعالى؛ ولذلك يقول بعضهم:
وإذا أتتـك مصيبـة فـاصبر لها =صـبر الكريم فإنه بـك أرحـم
وإذا شـكوت إلـى ابـن آدم إنما = تشكـو الرحيم إلى الذي لا يرحم
فهذه من الحكم أن الله تعالى يختبر بها العبد هل يصبر أم لا يصبر؟ هل يقوى إيمانه على التحمل أم لا يقوى إيمانه بل يجزع؟