عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 27-Jun-2008, 01:05 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
قريش البطاح
موقوف لمخالفة الأنظمة
إحصائية العضو





التوقيت


قريش البطاح غير متواجد حالياً

افتراضي


هذا القول يسوقنا إلى نفي الفصاحة المثلى كذلك لدى عرب البادية أو لدى القبائل المجاورة لمكة, مثلا, كبني سعد بن بكر. والاعتراض السائد الذي يذكر لتأكيد الفصاحة في البادية هو <<الاسترضاع>>, فالنبي عليه السلام كان قد استرضع في بني سعد بن بكر من هوازن. فمن قال إن الفصاحة كانت هدفا في الاسترضاع? ويكتسب التساؤل شرعية إذا قرأنا سيرة ابن هشام, حيث نجد ان حليمة السعدية كانت قد جاءت إلى أم النبي بعد انقضاء فترة رضاعه الأولى, وقالت لها: <<لو تركتبني عندي حتى يغلظ, فإني أخشى عليه وبأ مكة>>(16). من هنا فالاسترضاع كان بغية الوقاية الصحية(17), إذ لو كانت الفصاحة هي المنشودة بعينها لترك الطفل حتما في البادية حتى يبلغ أشده, وإلى فترة يكون فيها قادرا على تصريف القول, وإلا فأية فصاحة يكتسبها طفل في السنتين الأوليين من حياته ؟!


إذن, ليست منازل بني سعد بن بكر موئلا للفصاحة بالضرورة, فما ورد في الصحيحين <<أنا أعربكم, أنا قرشي, استرضعت في بني سعد بن بكر>> -الذي ذكرته أعلاه- لا يدل على فصاحة بني سعد, وانما هو إعلام أو مجرد إخبار فقط, ; وأنا لا أسأل هنا كذلك عن معنى (أعربكم) تماما, وهل هو بالضرورة يعني أفصحكم؟

وثمة مواقف مختلفة نلمح فيها هزء العرب من كلام الأعراب الذين هم <<أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله>>(18), فعيسى بن عمر مثلا يقول << لا آخذ من لغة تميم إلا الهمز, وما سواه من لغتها مرغوب عنه>>(19), وعبدالله بن الزبير يخاطب أعرابيا <<سلاحكم رث وحديثكم غث>>(20).

و بذلك نقول إن كلّ القبائل فصيحة و لكن قريش كانت أفصحها
لأنها أخذت من كلّ قبيلة حسن قولها و تركت أسوأها .






المرجع /

18) سورة التوبة, 97, والسؤال هو: هل يعقل أن يكون كلام هؤلاء النموذج الأعلى لاحتذاء الفصاحة, فحتى إمامتهم بأهل الحاضرة ممنوعة (في كثير من التفاسير) <<ولا يؤم أحدهم وإن كان أقرأهم>> (انظر تفسير القرطبي ج7-8, ص148).

(19) ابن منظور, لسان العرب, ج1, ص22.

(20) الجاحظ, البيان والتبين, ج1, ص173, وليس أدل على ذلك من الألفاظ التي اتفق العرب على عدم فصاحتها نحو <<مسحنفرة, تكأكأتم, ب عاق ونحوها- هي من لغات القبائل في البوادي.















رد مع اقتباس