![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم : قبل تقريباً أربع سنين من الآن , بالتحديد في رمضان , غادرنا نحن الخمسة من الكويت على توياتا هلكس { وانيت } نحو البلد الحرام لنؤدي العمرة في رمضان . بعد تأدية العمرة جلسنا يوم في مكة وارتحلنا بعدها , وفي الساعة الثانية والنصف من ليل ذلك اليوم خرجت إلى الحرم لوحدي . فكنت أسير في شوارع مكة لأصل إلى الحرم , وأثناء الطريق وإذ بشيخٍ أعمى كفيف ممسكاً بعصى يريد عبور الشارع , فذهبت إليه وأمسكت بيدهِ وطلبت منه أن أقوم بإيصالهِ , ونحن نمشي وإذ بيدهِ تلمس وجهي , فأمسك بلحيتي , فقال { مشاء الله } . وقال لي : هل حفظت القرآن و بلوغ المرام !! مع العلم أنَّ بلوغ المرام متن فقه حنبلي يتعدى المئتين صفحة !! فقلت له : لا , لم أحفظه , ولا حتى عمدة الأحكام . فقال لي : أنا أحفظ بلوغ المرام , وأحفظ القرآن كما أحفظ اسمي . فقلت لهُ : يا عم , هل لديك أبناء ليصلوا بك إلى المسجد و ليقضوا حوائجك , { وليتني لم أسأله } . فقال : لدي أبناء , ولكن لا بار فيهم ولا حليم , فوجودهم لا ينفعني كما أنه يضرهم . فقلت لهُ : يا عم , إنِّي أرجوك أن تدعو لهم بالصلاح ولا تدعو عليهم , فأنت في الحرم , ودعوة الوالد مستجابة , وفي الحرم أدعى وأقرب للإجابة , ونحن الآن في الثلث الأخير , فادعو لهم بأن يُصلح الله حالهم . فقال لي : إن وعدتني أن تبر والديك أعدك أن أدعو لهم , ولن أدعو عليهم ماحييت . فقلت : نعم , أعدك بإذن الله . فقال : إذاً سأدعو لهم . فرحل بعد ذلك ودخل الحرم وافترقنا وتركني . الحادثة كانت لدقائق , ولكنَّها لا زالت في مخيلتي من ذلك الحين , فأتذكر ذلك الكهل , وأتذكر ضعفه وقلة حيلتهِ وهوانه على الناس , فلم يساعده أحد , وأبناؤه بعيدين عنه , وعاقين له . إنَّ كل أب يبدأ نشيطاً , فيُربي أبناءهُ ويرعاهم , ثم يَكبر ليكون بعد ذلك في أمسِّ الحاجةِ لهم , فينتظر بعد ذلك إعانة إبنهِ له , فيكون الأب النشيط بعد حين عندما يكبر كالطفل في مزاجه , ضيق الصدر , يغضب لأتفهِ الأسباب , يعكر صفوهُ كل أمر . يطلب أموراً غريبة وفيها من العجب الكثير , ويظهر لنا هنا قوة تحمل الإبن , وعلى قدر التحمل يكون الأجر , فكلما تحملت أباك ورفقت بهِ وكنت حريصاً على إرضائه , كان لكَ الأجر الوفير . إنَّ إبراهيم عليه السلام أبوهُ كافراً , بل وشتمهُ أبوه , بل ورجمهُ أبوه , بل وطردهُ أبوه , فما كان جوابهُ عليه السلام إلا { سأستغفر لكَ ربي } . ونحن في هذا العصر الغريب , نجد كثير من الأبناء يضيق صدرهُ من أبيه لأنه مدخن ! وبعضهم يضيق صدرهُ من أبيه لأنه صاحب معاصي وكبائر ولهُ أمور غريبة ! وهنا لدغة سأوجهها إلى هؤلاء , أيها البُلهاء , ألم يقل ربي { وإن جاهداك على أن تُشرك بي ماليس لك بهِ علم فلا تطعهما , وصاحبهما في الدنيا معروفا } !! أيها المسكين أليس أعظم ذنب هو الشرك { إن الله لا يغفر أن يُشرك به , ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } إذاً , رغم أنهما مشركين إلا أنَّ الله قال { وصاحبهما في الدنيا معروفا } . فلماذا إذاً تغضب أيها العاق على أبيك عندما يسمع الأغاني , ولماذا تغضب وتعقه وهو يُدخن أو وهو يفعل المعاصي أو وهو يفعل بعض الأمور التي تُغضبك وتضايقك . حدثت حادثة مبكية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , عندما أسمعها أو أقرؤها , أرى نفسي في بكاء وتأثر . كان هناك شيخ كبيرٌ في السن وكفيف , وكان لهُ ابن يُحبهُ كثيراً , وكان ابنه دائماً في الصباح يأتيه بقدح اللبن ويسقي أباه منه . وفي استنفار المسلمين للجهاد أراد الإبن أن يذهب للجهاد , فرفض الأب الشيخ الكبير , فأصر الإبن كثيراً وألح على أبيه , فما كان من الأب الكبير إلا أن يوافق مضطراً على ذلك , فذهب الإبن للجهاد ولساحات الجهاد وترك الأب الشيخ وحيداً يعتني بهِ الجيران , فكان الجيران يتأذون من صراخهِ ليلاً وهو يبكي حزناً على رحيل ابنهِ عنه . فذهب الجيران لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاشتكوا لهُ ذلك , وقالوا لهُ قصة الشيخ الكبير وابنه الفتى . فطلب أمير المؤمنين الشيخ الكبير إليه . وعندما أدخلوه , قال لهُ عمر رضي الله عنه : تقدم يا شيخ وخذ اللبن . وعندما تقدم الشيخ الكفيف ليأخذ اللبن اِشتم رائحة ابنه , وإذ بإبنهِ هو الذي قدم اللبن لهُ بعد أن استدعاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ساحات الجهاد ليكون بجانب أبيه . فقام الأب الشيخ بتقبيل ابنه وضمه , ولكم أن تتخيلوا معي المنظر . المقام إن بدأ لن يتوقف , وما أنا إلا مسامرٍ لكم بأحاديث بسيطة ولست بمقام تأليف وتصفيف , ولكنِّي مذكرٍ بأمورٍ قد تناساها وتغافل عنها الكثير في خضم موجة النسيان والمعاصي العارمة التي تكتسح عالم المسلمين من أدناه إلى أقصاه . فالله الله بأبائكم وأمهاتكم , فوالله الكثير منَّا يستهين بأمرهم وأمرهم عند الله عظيم , ولو كان كافراً أبوك , فعليك بملازمتهِ وإحسان طاعتهِ , وإن كانت كافرة أمك , فعليكِ بملازمتها وإحسانها . يـاه كم سمعت في الدوائر الحكومية أو المستشفيات الفتيات يسئن المعاملة مع أمهاتهم ويستحين منهنَّ في الأماكن العامة لمجرد أنهنَّ بسيطات في ملبسهنَّ وخطابهنَّ وعلى طبيتهنَّ !! سبحان الله ! بالأمس تمسح منكِ الأذى وتغسلك من أذاك هذه الأم ولا تستحي , والآن أراكِ تستحين حتى من أن تمشي معكِ أمام الناس !! ختاماً , أحسن الله عزاءنا بأنفسنا , فنحن مقصرون دوماً وأبداً ومهما قدمنا , فلن نبلغ قدر أنملة مما قدم آباءنا لنا . وإن كان هناك أمراً يجب أن نشكرهم عليه , فيكفي أنهم سبب وجودنا في الدنيا ! أخوكم / عبدالله بن دعيج الميموني العبدلي . |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
![]() |