الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتدى الإسلامي > شريعة الإسلام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ياطيب راسك يالحافي (آخر رد :@ـايل)       :: نسأل الله السلامه والعافيه (آخر رد :@ـايل)       :: فيحان بن تركي بن ربيعان في ذمة الله (آخر رد :@ـايل)       :: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (آخر رد :@ـايل)       :: ترا الخوي لاصار طيب ومحمود (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: اصحاب اللنميمه (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: مدح في قليلة شمر (آخر رد :ابو طارق الشمري)       :: منهم العرب الان هم السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: نسب بعض الاسر من شتى القبائل العربيه (آخر رد :أبن ســنيّن)       :: معجم اللهجات المحكية في المملكة العربية السعودية (آخر رد :أبن ســنيّن)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 13-May-2010, 05:04 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فواز أبوخالد
عضو ماسي
إحصائية العضو







فواز أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي

قوادح عقدية في بردة البوصيري

د. عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن ميميه البوصيري - المعروفة بالبردة - مـن أشـهــــر الـمــدائـح النبوية وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، ولذا تنافس أكثر من مائه شاعر في معارضتها، فضلاً عن الـمـشـطِّرين والمخمِّسين والمسبِّعين، كما أقبل آخرون على شرحها وتدريسها، وقد تجاوزت شروحـهـــــا الـمكتوبة خمـسـيـن شــرحـــــاً، فيها ما هو محلى بماء الذهب! وصار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن.
يـقــول الـدكـتـور زكـي مـبــارك : وأما أثرها في الدرس، فيتمثل في تلك العناية التي كان يوجهها العلماء الأزهريون إلى عـقـــــد الدروس في يومي الخميس والجمعة لدراسة حاشية الباجوري على البردة، وهي دروس كـانـت تـتـلـقـاهــــا جماهير من الطلاب، وانما كانوا يتخيرون يومي الخميس والجمعة، لأن مـثــل هذا الـــدرس لم يـكـــن من المقررات فكانوا يتخيرون له أوقات الفراغ(1).

وقد أطلق البوصيري على هذه القصيدة البردة من باب المحاكاة والمشاكلة للقصيدة الشهيرة لـكـعـــــب بن زهير - رضي الله عنه - في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ؛ فقد اشتهر أن النـبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى كعباً بردته حين أنشد القصيدة - إن صح ذلك - (2) فـقــــد ادعى البوصيري - في منامه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألقى عليه بردة حين أنشده القصيدة !!

وقد سمى البوصيري هذه القصيدة أيضاً بـ الكواكب الدرية في مدح خير البرية(3). كما أن لهذه البردة اسماً آخـــــر هو الـبرأة ؛ لأن البوصيري كما يزعمون برئ بها من علته، وقد سميت كذلك بقصيدة الشـدائــد ؛ وذلك لأنها - في زعمهم - تقرأ لتفريج الشدائد وتيسير كل أمر عسير.
وقـد زعم بعض شراحها أن لكل بيت من أبياتها فائدة ؛ فبعضها أمان من الفقر، وبعضها أمان من الطاعون(4).

يقــــول محمد سيد كيلاني - أثناء حديثه عن المخالفات الشرعية في شأن البردة -: ولم يكـتـف بعض المسلمين بما اخترعوا من قصص حول البردة، بل وضعوا لقراءتها شروطاً لم يوضــع مثلها لقراءة القرآن، منها : التوضؤ، واستقبال القبلة، والدقة في تصحيح ألفاظها وإعرابـهــــــا، وأن يكون القارئ عالماً بمعانيها، إلى غير ذلك. ولا شك في أن هذا كله من اختراع الصوفـيــة الذين أرادوا احتكار قراءتها للناس، وقد ظهرت منهم فئة عرفت بقراء البردة، كانت تُستدعى في الجنائز والأفراح، نظير أجر معين(5).
وأما عن مناسبة تألـيـفـها فكما قال ناظمها : كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثـــم اتفق بعد ذلك أن أصابني خِلْط فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة، فـعـمـلـتـهـــا، واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت، وتوسلت ونمت، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بــردة، فـانـتـبـهــت ووجــدت فيّ نهضة ؛ فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي : أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت : أيّها؟ فقال : التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولّها، وقال : والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت رسول الله -صلى الله عـلـيــــه وسلم-، يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكــر الفقير ذلك، وشاع المنام(6).
ففي هذه الحادثة تلبّس البوصيري بجملة من المزالق والمآخذ، فهو يستشفع ويتقرب إلى الله - تعالى - بشرك وابتداع وغلو واعتداء - كما سيأتي موضحاً إن شاء الله -.
ثم ادعى أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يبيّن نعته ؛ فإن من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- حسب صفاته المعلومة فقد رآه، فإن الشيطان لا يتمثل بــــه - كما ثبت في الحديث -.
ثـم ادعــى أن النبي في -صلى الله عليه وسلم- مسح على وجهه وألقى عليه بردة، فعوفي من هذا الفالج، فتحققت العافية بعد المنام دون نيل البردة! ثم التقى البوصيري - في عالم اليقظة - بأحد المتصوفة وأخبره بسماع القصيدة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسـلــم، وأن الرســــــول -صـلـى الله عليه وسلم- تمايل إعجاباً بالقصيدة، وهذا يذكّرنا بحديث مكذوب بأن النبي -صلــى الله عليه وسلم- تواجد عند سماع أبيات حتى سقطت البردة عن منكبيه وقال: ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر المحبوب.
قال شيخ الإسلام : إن هذا الحديث كذب بإجماع العارفين بسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنته وأحواله(7).
وأما عن استجابة دعاء البوصيري مع ما في قصيدته من الطوامَّ، فربما كان لاضطراره وعظم فاقته وشدة إلحاحه السبب في استجابة دعائه.

يقول شيخ الإسلام : ثم سـبـب قـضــــاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطراً ضرورة لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له، لصدق توجهه إلى الله، وان كان تحري الدعاء عند الوثن شركاً، ولو استجيب له على يد المتوسل به، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته، فـإنــــه يعاقب على ذلك ويهوي به في النار إذا لم يعفُ الله عنه، فكم من عبد دعا دعاء غير مبــاح، فقضيت حاجته في ذلك الدعاء، وكان سبب هلاكه في الدنيا والآخرة(8).
وأما عن التعريف بصاحب البردة فهو : محـمــــد بن سعيد البوصيري نسبة إلى بلدته أبو صير بين الفيوم وبني سويف بمصر، ولد سنة 608هـ، واشتغل بالتصوُّف، وعمل كاتباً مع قلة معرفته بصناعة الكتابة، ويظهر من ترجمته وأشعاره أن الناظم لم يكن عالماً فقيهاً، كما لم يكن عابداً صالحاً ؛ حيث كان ممقوتاً عند أهـــــــل زمانه لإطلاق لسانه في الناس بكل قبيح، كما أنه كثير السؤال للناس، ولذا كان يقـف مــــــع ذوي السلطان مؤيداً لهم سواء كانوا على الحق أم على الباطل.
ونافح البوصيري عن الطريقة الشاذلية التي التزم بها، فأنشد أشعاراً في الالتزام بآدابها، كما كانت له أشعار بذيئة يشكو من حال زوجه التي يعجز عن إشباع شهوتها!
توفي البوصيري سنة 695هـ وله ديوان شعر مطبوع(9).
وسنورد جملة من المآخذ على تلك البردة التي قد تعلّق بها كثير من الناس مع ما فيها من الشرك والابتداع. والله حسبنا ونعم الوكيل.
1- يقول البوصيري :
وكيف تدعو إلى الدنيا ضـرورة مـن لـولاه لم تُخرج الدنيا من العدم
ولا يخفى ما في عَجُز هذا البيت من الغلو الشنيع في حق نـبـيـنــا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث زعم البوصيري أن هذه الدنيا لم توجد إلا لأجله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال - سبحانه: ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56]،
وربما عوّل أولئك الصوفية على الخبر الموضوع : لولاك لما خلقت الأفلاك(10).
2- قال البوصيري :
فاق النبيين في خَلق وفي خُلُق ولـم يـدانــوه في عــلـــم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
أي أن جميع الأنبياء السابقين قد نالوا والتمسوا من خاتم الأنبيـاء والرسل محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالسابق استفاد من اللاحق! فتأمل ذلك وقارن بينه وبين مقالات زنادقة الصوفية كالحلاج القائل : إن للنبي نوراً أزلياً قديماً كان قبل أنــــــه يوجد العالم، ومنه استمد كل علم وعرفان ؛ حيث أمدّ الأنبياء السابقين عليه.. وكذا مقالـة ابن عربي الطائي أن كل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي يأخذ من مشكاة خاتم النبيين(11).
3- ثم قال :
دع ما ادعته النصارى في نـبـيـهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - منتقداً هذا البيت : ومن المعلوم أن أنواع الغلو كثيرة، والشرك بحر لا ساحل له، ولا ينحصر في قول النصارى ؛ لأن الأمم أشركوا قبلهم بعبادة الأوثان وأهل الجاهلية كذلك، وليس فيهم من قال في إلهه ما قالت النصارى في الـمـسـيـــح - غالباً - : إنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، بل كلهم معترفون أن آلهتهم ملك لله، لكن عبدوها معه لاعتقادهم أنها تشفع لهم أو تنفعهم فيحتج الجهلة المفتونون بهذه الأبيات على أن قوله في منظومته : دع ما ادعته النصارى في نبيهم مَخْلَصٌ من الغلو بهذا البيت، وهو قد فتح ببيته هذا باب الغلو والشرك لاعتقاده بجهله أن الغلو مقصور على هذه الأقوال الثلاثة(12).
لقد وقع البوصيري وأمثاله من الغلاة في لبس ومغالطة لمعنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مـريـم إنـمــــــــا أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله(13)، فزعموا أن الإطراء المنهي عنه في هذا الحديث هـــــو الإطراء المماثل لإطراء النصارى ابن مريم وما عدا ذلك فهو سائغ مقبول، مع أن آخر الحديث يردّ قولهم ؛ فإن قوله - عليه الصلاة والسلام - : إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله تقرير للوسطية تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، والمبالغة في مدحه تؤول إلى ما وقع فيه النصارى من الغلو في عيسى - عليه السلام -، وبهذا يُعلم أن حرف الكاف في قوله -صلى الله عليه وسلم- : كما أطرت هي كاف التعليل، أي كما بالغت النصارى(14).
ويقول ابن الجوزي - في شرحه لهذا الحديث - : لا يلزم من النهي عن الشيء وقوعه ؛ لأنَّا لا نعلم أحداً ادعى في نبينا ما ادعته النصارى في عيسى - عليه السلام - وإنما سبب النهي فيما لم يظهر ما وقع في حديث معاذ بن جبل لما استأذن في السجود له فامتنع ونهاه ؛ فكأنه خشي أن يبالغ غيره بما هو فوق ذلك فبادر إلى النهي تأكيداً للأمر(15).
4 - وقال أيضاً :
لو ناسبت قــدره آيــاتــه عِظماً أحيا اسمه حين يُدعى دارس الرمم
يقول بعض شرّاح هذه القصيدة : لو ناسبت آياته ومعجزاته عظم قدره عند الله - تعالى - وكل قربه وزلفاه عنده لكان من جملة تلك الآيات أن يحيي الله العظام الرفات ببركة اسمه وحرمة ذكره(16).
يقول الشيخ محمود شكري الآلوسي منكراً هذا البيت : ولا يخفى ما في هذا الكلام من الغلو ؛ فإن من جملة آياته -صلى الله عليه وسلم- القرآن العظيم الشأن ؛ وكيف يحل لمسلم أن يقول : إن القرآن لا يناسب قدر النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو منحط عن قدره ثم إن اسم الله الأعظم وسائر أسمائه الحسنى إذا ذكرها الذاكر لها تحيي دارس الرمم؟(17).
5- وقال أيضا :
لا طيب يعدل ترباً ضم أعظمه طوبى لمنتشق منه وملتثم
فقد جعل البوصيري التراب الذي دفنت فيه عظام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب وأفضل مكان، وأن الجنة والدرجات العلا لمن استنشق هذا التراب أو قبَّله، وفي ذلك من الغلو والإفراط الذي يؤول إلى الشرك البواح، فضلاً عن الابتداع والإحداث في دين الله - تعالى -.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد(18).
6- ثم قال :
أقسمتُ بالقمر المنشق إنّ له من قلبه نسبةً مبرورة القسم
ومن المعلوم أن الحلف بغير الله - تعالى - من الشرك الأصغر ؛ فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك(19).
وقال ابن عبد البر - رحمه الله - :لا يجوز الحلف بغير الله - عز وجل - في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه... إلى أن قال : أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها، لا يجوز الحلف بها لأحد(20).
7- قال البوصيري :
ولا التمست غنى الدارين من يــده إلا استلمت الندى من خير مستلم
فجعل البوصيري غنى الدارين مُلتَمساً من يد النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أن الله - عز وجل - قال : ((ومَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) [النحل:53]، وقال - سبحانه - : ((فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ)) [العنكبوت:17]، وقال - تعالى - : ((قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ) [يونس:31]، ((قُلِ ادْعُوا الَذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ)) [سبأ:22] .
وأمر الله نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- أن يبرأ من دعوى هذه الثلاثة المذكورة في قوله - تعالى - : ((قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الغَيْبَ ولا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ إنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إلَيَّ)) [الأنعام:50].
8- قال البوصيري :
فإن لي ذمة منه بتسمـيـتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
وهذا تخرُّص وكذب ؛ فهل صارت له ذمة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمجرد أن اسمه موافق لاسمه؟! فما أكثر الزنادقة والمنافقين في هذه الأمة قديماً وحديثاً الذين يتسمون بمحمد!
و يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - تعقيباً على هذا البيت : قوله : فإن لي ذمة... إلى آخره كذب على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- فليس بينه وبين اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك(21).
فالاتفاق في الاسم لا ينفع إلا بالموافقة في الدين واتباع السنة(22).
9- وقال البوصيري :
إن لم يـكـن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة الـقــدم
والشاعر في هذا البيت ينزل الرسول منزلة رب العالمين ؛ إذ مضمونه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المسؤول لكشف أعظم الشدائد في اليوم الآخر، فانظر إلى قول الشاعر، وانظر في قوله - تعالى - لنبيه -صلى الله عليه وسلم- : ((قُلْ إنِّي أَخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) [الزمر:13].
ويزعم بعض المتعصبين للقصيدة أن مراد البوصيري طلب الشفاعة ؛ فلو صح ذلك فالمحذور بحاله، لما تقرر أن طلب الشفاعة من الأموات شرك بدليل قوله - تعالى - : ((ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [يونس:18]، فسمى الله - تعالى - اتخاذ الشفعاء شركاً(23).
10- وقال :
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
يقول الشيخ سليمان بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - تعقيباً على هذا البيت -: فتأمل ما في هذا البيت من الشرك :
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.
ومنها : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية(24).
وانتقد الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد ابن عبد الوهاب هذا البيت قائلاً : فعظم البوصيري النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يسخطه ويحزنه ؛ فقد اشتد نكيره -صلى الله عليه وسلم- عما هو دون ذلك كما لا يخفى على من له بصيرة في دينه ؛ فقصر هذا الشاعر لياذه على المخلوق دون الخالق الذي لا يستحقه سواه ؛ فإن اللياذ عبادة كالعياذ، وقد ذكر الله عن مؤمني الجن أنهم أنكروا استعاذة الإنس بهم بقوله : ((وأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً)) [الجن: 6]، أي طغياناً، واللياذ يكون لطلب الخير، والعياذ لدفع الشر، فهو سواء في الطلب والهرب(25).
وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله - عن هذا البيت : فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . إنا لله وإنا إليه راجعون(26).
11- وقال البوصيري :
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلى باسم منتقم
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب : سؤاله منه أن يشفع له في قوله : ولن يضيق رسول الله... إلخ، هذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوهم وهو الجاه والشفاعة عند الله، وذلك هو الشرك، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ؛ فإن الله - تعالى - هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداءاً(27).
12- وقال أيضا :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وإفضاله، والجود هو العطاء والإفضال ؛ فمعنى الكلام : أن الدنيا والآخرة له -صلى الله عليه وسلم-، والله - سبحانه وتعالى - يقول : ((وإنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأُولَى)) [الليل:13](28).
وقوله : ومن علومك علم اللوح والقلم. في غاية السقوط والبطلان ؛ فإن مضمون مقالته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم الغيب، وقد قال - سبحانه - : ((قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ)) [النمل:65] وقال - عز وجل - : ((وعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ويَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ والْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن ورَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا ولا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ ولا رَطْبٍ ولا يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)) [الأنعام:59]، والآيــات فـي هـذا كثيرة معلومة(29).
وأخـيـراً أدعو كل مسلم عَلِقَ بهذه القصيدة وولع بها أن يشتغل بما ينفع ؛ فإن حق النبي -صلى الله عليه وسلم- إنـمـا يكون بتصديقه فيما أخبر، واتباعه فيما شرع، ومحبته دون إفراط أو تفريط، وأن يشتغلوا بسماع القرآن والسنة والتفقه فيهما ؛ فإن البوصيري وأضرابه استبدلوا إنشاد وسماع هذه القصائد بسماع القرآن والعلم النافع، فوقعوا في مخالفات ظاهرة ومآخذ فاحشة.
وإن كـــان لا بد مـن قـصائد ففي المدائح النبوية التي أنشدها شعراء الصحابة -رضي الله عنهم- كحسان وكعب بن زهير ما يغني ويكفي.
اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛ إنك حميد مجيد. (*)
=============
الهوامش :
(1) المدائح النبوية، ص 199.
(2) يقول ابن كثير - رحمه الله - في البداية والنهاية (4 /373) : ورد في بعض الروايات ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه بردته حن أنشده القصيدة.. وهذا من الأمور المشهورة جداً، ولكن لم أر ذلك في شيء، من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه ؛ فالله أعلم .
(3) انظر مقدمة محقق ديوان البوصيري، ص 29.
(4) انظر المدائح النبوية لزكي مبارك، ص 197.
(5) مقدمة ديوان البوصيري، ص 29، 30.
(6) فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي، 2/258.
(7) مجموع الفتاوى، 11 /598.
(8) اقتضاء الصراط المستقيم، 2/692، 693، باختصار.
(9) انظر ترجمته في مقدمة ديوان البوصيري، تحقيق محمد سيد كيلاني، ص 5 - 44، وللمحقق كتاب آخر بعنوان : البوصيري دراسة ونقد .
(10) انظر : الصنعاني في موضوعاته، ص 46 ح (78)، والمسلسلة والموضوعة للألباني، 1/299، ح(282).
(11) انظر تفصيل ذلك في كتاب محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرؤوف عثمان، ص 169 - 196.
(12) الدرر السنية، 9/81، وانظر 9/48، وانظر : صيانة الإنسان للسهسواني (تعليق محمد رشيد رضا)، ص 88.
(13) أخرجه البخاري، ح ./3445.
(14) انظر القول المفيد، 1 /376، ومفاهيمنا لصالح آل الشيخ، ص 236، ومحبة الرسول لعبد الرؤوف عثمان، ص 208 .
(15) فتح الباري، 12 /149.
(16) غاية الأماني للآلوسي، 2 /349.
(17) غاية الأماني للآلوسي، 2/ 350، باختصار وانظر الدر النضيد لابن حمدان، ص 136.
(18) الرد على الأخنائي، ص 41.
(19) رواه أحمد، ح. /4509، والترمذي، ح./ 1534.
(20) التمهيد، 14/366، 367 .
(21) تيسير العزيز الحميد، ص 22.
(22) انظر الدرر السنية، 9 /51.
(23) انظر الدرر السنية، 9/49، 82، 271.
(24) تيسير العزيز الحميد، ص 219، 220.
(25) الدرر السنية، 9/ 80، وانظر 9/49، 84، 193، ومنهاج التأسيس والتقديس لعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، ص 212.
(26) الدر النضيد، ص 26.
(27) تيسير العزيز الحميد، ص 220، وانظر الدرر السنية، 9/52.
(28) انظر الدرر السنية، 49، 50، 81، 82، 85، 268.
(29) انظر الدرر السنية، 9/50، 62، 81، 82، 268، 277.
(*) نقلا عن قرص مجلة البيان عدد 139

المصدر : http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm















رد مع اقتباس
غير مقروء 04-Nov-2010, 03:13 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو ضيف الله
مشرف عـام

الصورة الرمزية ابو ضيف الله

إحصائية العضو






ابو ضيف الله غير متواجد حالياً

افتراضي


الصوفية في مواجهة السلفية


محمد بن شاكر الشريف

السلفية تعني اقتفاء آثار السلف الصالح ومتابعتهم في تعاملهم مع النصوص الشرعية من الكتاب العزيز والسنة المطهرة من حيث تعظيمها وتوقيرها وتقديمها على كل ما عداها، ومن حيث كيفية فهمها واستنباط الأحكام منها، ومن ثم فالسلفية تمثل منهجا وليست مذهبا أو مجموعة اختيارات فقهية، ولهذه الخاصية صار من أصعب الصعاب تطويع أو استخدام متبعي المنهج السلفي، بل صاروا حجر عثرة أمام كل محاولات إفساد عقيدة المسلمين وتخريب سلوكهم وأخلاقهم، ومن ثم لم يكونوا-كغيرهم-جسرا يعبر عليه أعداء الأمة ليقتطعوا منها ما شاءوا، وهذا يفسر سبب العداوة الشديدة التي تلقاها السلفية والحرب التي تشن عليها بين فترة وأخرى سواء من الأعداء الخارجيين أو من ربائبهم الداخليين.

وقد كان غريبا على المتابع لمجريات الأحداث في أمتنا أن يجد التعاون والتناصر بين فئات لم يكن يدور بخلد مسلم إمكانية اللقاء بينهم، نظرا لما في ظاهر أمرهم من التناقض الشديد والتباين الكامل، لكن عداوة تلك الفئات للمنهج السلفي جمعت بينهم وألفت بين أهوائهم.

يحتشد في الصف المناوئ للسلفية الكفار من أهل الكتاب وعبدة الأوثان، بجانب أهل البدع الخارجين على منهج أهل السنة والجماعة، وليس يُدرى بأي مقياس يقيس هؤلاء عندما يتعاون من يصنفون أنفسهم في خانة المحبين لله ولرسوله ولآل بيته الأطهار، مع النصارى الذين يدعون مع الله إلها آخر، ويقفون صفا واحدا متعاونين في مواجهة أتباع المنهج السلفي الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويجعلون من الكتاب والسنة وإجماع الأمة المصادر التي يرجعون إليها في تكوين عقائدهم وسلوكياتهم وأخلاقهم وعباداتهم، ويقيمون عليها صرحهم الفقهي.

في الدراسات التي تقوم بها بعض مراكز الأبحاث التي تعتني بمحاربة الإسلام تُوجه السهام بقوة نحو المنهج السلفي ويعدونه الصخرة التي تتحطم عليها كل محاولات الاختراق للبنية العقدية والأخلاقية للأمة الإسلامية، وبعد تجارب متعددة ومحاولات شتى وجدوا أن من أنجع الوسائل لتحقيق ما يريدون أن يكون توجه إسلامي آخر هو رأس الحربة التي يحاربون بها السلفية، وقد وقع اختيارهم على الصوفية للقيام بذلك الدور ليقينهم أنها من أبعد الناس عن السلفية وأعدى أعدائها، ذلك أن مراجع الصوفية التي يرجعون إليها تناقض مناقضة تامة مراجع السلفية فهي لا تخرج عن الرؤى والمنامات ومتابعة شيوخ الطريقة والشطحات في ظل منهج غير منضبط في الفهم والاستنباط من النصوص، يعتمد ما يزعمونه من الكشف والذوق والإلهام والخواطر والعلم اللدني، ومن هنا كانت الصوفية القناة المنفتحة التي تمر من خلالها حملات التغريب وإفساد الهوية وإضعاف الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين، وهذا يفسر سر حفاوة أعداء الملة والأمة بالصوفية، حيث يقوم الفكر الصوفي في مجمله على استبعاد الجهاد ضد أعداء الملة ويقدم تفسيرا للإسلام يعتمد الخمول والخنوع، مع الانفتاح غير المنضبط مع الآخر المختلف عقديا وثقافيا باختلاق ذرائع متعددة، مع الاتكالية والسلبية إزاء ما يعترض الأمة من تحديات، وذلك لبعدهم عن الخوض في السياسة وتسليم الأمر للساسة-أيا كانوا مسلمين أو غير مسلمين- كي يفعلوا ويقولوا ما يشاءون، (وهذا لم يمنع من وجود مجموعات صوفية-خاصة في إفريقيا-خرجت على هذا النسق، وساعدت بشكل كبير وجهد منسق في التصدي للمستعمر الكافر الذي احتل بلاد المسلمين، وتصدت للحملات التنصيرية، وأسهمت في نشر كثير من التعاليم الإسلامية عن طريق الكتاتيب).

التمكين للصوفية ومحاربة السلفية:
1- تبني أمريكا كثيرا من سياساتها إزاء العالم الإسلامي على تقارير مؤسسة راند، وقد وردت الفقرة التالية في أحد تلك التقارير وهي تبين السلوك الأمريكي لتخريب الإسلام من داخله: "تقوية مكانة الصوفية، وتشجيع الدول التي لديها تقاليد صوفية قوية للتركيز على ذلك الجزء من تاريخها، وإدراجه في مناهجها التعليمية ".

2- في أواخر عام 2009م رعت بريطانيا إنشاء "المجلس الصوفي العالمي" ومقره في لندن، بترخيص بريطاني ومعتمد من وزارة الخارجية البريطانية، وأصدر المجلس بيانا جاء فيه أنه "منظمة اسلامية تدعو إلى تحقيق السلم والسلام في العالم وتتصدى للإرهاب والعنف والتشدد والتعصب، ولا تتدخل في سياسات الدول المختلفة وتحترم كل معتقد لأي دين أو عقيدة، وتعمل على إزالة الخلافات العقائدية، وتقرب بين الأديان المختلفة لتحقيق الاستقرار في كل دول العالم، وهو منظمة لها الشخصية المعنوية المستقلة أغراضها نشر الدين الإسلامي الصحيح، والدعوة إلى الله ونشر الوعي الديني والثقافي"، ويتضح من هذا البيان المراد بالدين الإسلامي الصحيح عند هذا المجلس المعتمد لدى بريطانيا والغرب، فهو يحترم كل معتقد لأي دين أو عقيدة ويقرب بين الأديان المختلفة، في الوقت الذي يتصدى فيه للتعصب والتشدد، وهي تعبيرات محجوزة لوصف المنهج السلفي بها، ويقول الشيخ محمد الشهاوي مؤسس هذا المجلس في حواره مع موقع إسلام أون لاين بتاريخ 8/10/2009 "وسنحاول أن نحث المسئولين في معظم الدول من خلال المجلس العالمي على أن يدعموا الصوفية لكي يوقفوا تيار السلفية الذي يتمدد في العالم والذي يتسبب في نشر التعصب والتشدد".

3- وقد دخلت المرأة الصوفية على الخط في مواجهة السلفية حيث أنشأت السيدة ماجدة عيد زوجة محمد الشهاوي شيخ الطريقة الشهاوية ومؤسس المجلس الصوفي العالمي-فيما بعد-جمعية صوفية للنساء باسم "دار النساء الصوفيات"، وذكرت أن هدف الجمعية يتلخص في: "الدعوة إلى فهم الدين الصحيح الوسطي، وخاصة في أوساط المرأة المصرية والنشء الصغير بعد أن مزقته السلفية الوهابية التي غزت المجتمع وتمددت عبر وسائل الإعلام"، وقالت في حوار صحفي: "الإسلام دين وسطي عمل الوهابيون والأصوليون على تشويهه على مدى سنوات طوال، وآن الاوان لمواجهة هذه الحملة الظلامية، وهذا ما تسعى اليه جمعية الصوفيات".

4- ومنذ عدة أشهر أعلن علاء أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية أنه سوف يتم إطلاق قناة فضائية صوفية جديدة لمواجهة الفضائيات السلفية، عن طريق "تقديم الإسلام الوسطي المعتدل، ومواجهة الفكر الاصولي المتشدد لمن يسمون أنفسهم السلفيين والوهابيين".

5- وهناك حديث عن قيام مؤسسة الأهرام ممثلة للحكومة المصرية بعقد اتفاق مع شيخ شيوخ الطرق الصوفية لمواجهة الفكر السلفي والمد الإخواني، وهذا مما يدل على أن الاتجاه الصوفي يقوم بمحاربة السلفية بالوكالة، وهو في الوقت نفسه يسقط أو يفسد أي مصداقية لهم في هذا الاتجاه، لأنها حرب بالنيابة أو بالوكالة لجهات قد لا تريد أن تظهر في الصورة، أو ترى عدم تقبل جمهور المسلمين لهجومهم.
فكل هذا يبين عزم الصوفية على مواجهة السلفية ومحاربتها على جميع الأصعدة واستعداء الأنظمة عليها.
ولعل من مظاهر دعم هذه الحرب إعادة إعمار المزارات والأضرحة، ونشر الكتب والمدارس الصوفية، ودعم الطرق الصوفية، مع الإصرار على الحضور الإعلامي لبعض أنشطة الصوفية ورموزها، واستضافتهم وعقد الاتفاقات والمؤتمرات معهم.
إن تركيز التقارير على استخدام أهل البدع والفرق، وكذلك الاتجاهات العصرية من حداثة وعلمانية في تنفيذ المخطط المعادي للإسلام يؤكد أن السلفيين أتباع المنهج السلفي الممثل الحقيقي للأمة في مواجهة المعتدين على عقائدها وحرماتها وممتلكاتها، وأنهم باتباعهم لهذا المنهج يمنعون الأمة من الإذعان للأمركة، وأن من يحاربهم يقف في خندق واحد مع أعداء الأمة وإن كان لا يعلم.

الاختراق الأمريكي للجماعات الصوفية:
في أعقاب أحداث 11/9/2001م بدا لأمريكا من خلال عدد من المراكز البحثية أنه يمكن النظر إلى الصوفية على أنها الشريك المناسب لمقاومة من ينظرون إليه على أنه رمز للتشدد والجمود، ومن ثم عملت على تقويتها والتمكين لها، وإسنادها من خلال عدة فعاليات وبادلتها الطرق الصوفية حبا بحب وتقديرا بتقدير:
1- في مطلع يونيو عام 2009م، عقد مؤتمر للصوفية في مصر، وفي ختام المؤتمر أصدرت الطرق الصوفية المشاركة بيانا دعت فيه "إلى تشكيل لجان من العلماء المسلمين بأنحاء العالم لبحث كيفية التقارب بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة، ودراسة القيم المشتركة التي يمكن التعاون فيها".

2- وفي أواخر الشهر نفسه وجهت السفيرة الأمريكية في القاهرة مرجريت سكوبي دعوة إلى تسعة طرق صوفية لحضور احتفال السفارة بعيد الاستقلال الامريكي في أول يوليو.

3- في أواخر عام 2009م أعلنت مصادر إعلامية أمريكية أن السفارة الأمريكية في القاهرة تعتزم توجيه الدعوة إلى ممثلي العديد من الطرق الصوفية والمذاهب الدينية في مصر للدخول في حوار رسمي معها للتوافق حول العديد من القضايا ومواجهة الجماعات الإسلامية الأخرى، وذكرت هذه المصادر أن الهدف من الحوار "دعم الفرق الإسلامية المعتدلة-من وجهة النظر الامريكية-، وبحث مستقبل عملية السلام والحوار بين الأديان والعلاقات بين الطرق الصوفية وإسرائيل في حالة حدوث تسوية"، و"بحث سبل مواجهة انتشار ما تسميه أمريكا الفكر المتشدد والأصولي في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري بصفة خاصة".

4- في 3/8/2010 الموافق يوم الثلاثاء نشر في صحيفة الدستور المصرية خبر اجتماع شيوخ الصوفية مع ممثل للإدارة الأمريكية بحضور أمن الدولة في مقر الطريقة العزمية لمدة ساعتين، وناقش الاجتماع التنسيق بين شيوخ الصوفية في مصر والإدارة الأمريكية لنشر الإسلام الصوفي المعتدل بين المسلمين الأمريكيين، وأكد ممثل الإدارة الأمريكية أن نموذج الإسلام الصوفي يمثل الإسلام المقبول والمرحب به في أمريكا لكونه-كما يزعم-إسلاما وسطيا ومعتدلا، وقد طلب ممثل الإدارة الأمريكية استمرار اللقاءات والتنسيق بين الجانبين.
هذه الشهادة الأمريكية للصوفية تصيب-عند المسلمين الفاقهين لدينهم- التوجه الصوفي في مقتل حيث عدته مقبولا لديها ومرحبا به، ولا يخفى أن شهادة الأعداء لهم تدل على أن توجههم يخدم المصالح الأمريكية التي هي على الضد من مصالح أمتنا وديننا، واتفاق الإدارة الأمريكية مع الصوفية لنشرها بين مسلمي أمريكا يعنى أنها لم تعد تكتفي بإفساد بلاد المنشأ وإنما تجاوزتها إلى الأطراف والروافد، حيث تشبع حاجة المتدينين المسلمين لديها في الوقت الذي تقطع الطريق عليهم في اتجاههم نحو السلفية، وهذا مما يبين أن الصوفية منسجمة مع الرؤية الأمريكية في العمل على إفراغ الإسلام من محتواه العقدي والجهادي الذي أقض مضاجع الأمريكيين والراغبين في السيطرة على بلاد المسلمين، ولعلنا نلحظ مسارعة كثير من الأنظمة تغليب المصلحة الأمريكية في التمكين للصوفية على المصلحة الوطنية حيث يتبوأ الآن نفر من الصوفية كثير من المناصب المهمة ، ففي أكثر من بلد رأينا تولي المتصوفة لوزارة الأوقاف ولوظيفة المفتي ولرئاسة الجامعة الإسلامية وغير ذلك من المناصب.

وهذا كله يصب في تقوية شوكة الصوفية كي تواجه أصحاب المنهج السلفي بألسنة حداد،
والآن يراد من الصوفية القيام بما لم تستطع القيام به العلمانية، وذلك تحت وهم العناية بالقلب وتزكية النفس والعناية بالروح، والزهد في الدنيا، فيتم إبعاد الدين عن التدخل في مجالات الحياة كالسياسة والاقتصاد وتنمية المجتمعات والقضاء على روح الجهاد ليقر للمحتلين قرارهم في الاستيلاء على بلاد المسلمين, صرح برنارد لويس فقال: "إن الغرب يسعى إلى مصالحة "التصوف الإسلامي" ودعمه لكي يستطيع ملىء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة وإقصائه نهائياً عن قضايا السياسة والاقتصاد، وبالطريقة نفسها التي استُخدمت في تهميش المسيحية في أوروبا والولايات المتحدة"
وتسعى أمريكا والعالم الغربي للتمكين للصوفية في بلاد المسلمين على حساب أصحاب المنهج السلفي لأن هذا-كما يقولون-يساعد على الانسجام مع المنظومة الدولية بالإضافة إلى قابلية الخضوع للقوانين والمعايير المتعارف عليها دوليا، كما أن التمكين للصوفية يساعد على مواجهة المد السلفي وإعاقته ووضع العراقيل أمامه

لكن على الصوفيين أن يستقينوا أن مراد أمريكا هو تبديل الإسلام وتغييره وليس البحث عن ما يفيد وينفع أمة المسلمين، وما تظهره من ود أو تقدير للصوفية ليس حبا فيهم، بل ما هو إلا كحبة القمح التي يضعها الصياد في فخه، فإنه لم يضعها بقصد إطعام العصافير الجوعى بل ما وضعها إلا لكي يصطادها بها، ثم يجعلها بعد ذلك وليمة شهية لأهله وأصحابه، من قبل أن تتمكن هذه العصافير المخدوعة من التقاط حبة القمح، ومما يدل على مراد أمريكا من التقرب والتواد لبعض الاتجاهات المسلمة ما جاء في أحد تقارير راند حيث يفصح التقرير عن الهدف بقوله: "إن تحويل ديانة عالم بكامله ليس بالأمر السهل، إذا كانت عملية بناء أمة مهمة خطيرة، فإن بناء الدين مسألة أكثر خطورة وتعقيدا منها"، فالمراد إذن إعادة بناء الإسلام وفق الأجندة الأمريكية واستخدام الصوفية في ذلك كحصان طروادة.

ولكن النصوص الشرعية تبين أن كيد هؤلاء حابط وأنهم لن يتحقق لهم ما يريدون فدين الله محفوظ، كما أن خبرة التاريخ تبين أنه لا بد من وجود الطائفة التي يحفظ الله بها وبجهودها الدين وينصره، والله تعالى ليس في حاجة لهذه الطائفة، وإنما ليميز الخبيث من الطيب، وليختبر ما في صدور الناس وليبتلي بعضهم ببعض قال تعالى: "ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " وقال تعالى: "وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"، وهذا يضع على كاهل السلفيين مهمة المنافحة عن منهجهم بقوة وحزم، والسعي في نشره وتوسيع أرضية قبوله بين الشعوب الإسلامية، وترك الدعة والركون إلى الدفع القدري قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، فالمسلم مكلف بالدفع الشرعي وأما الدفع القدري فذلك فضل من الله يؤيد به عباده الساعين في نصرة دينه، نسأل الله تعالى من واسع فضله أن يشرفنا بنصرة دينه
















التوقيع
قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة.

قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة.


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين
رد مع اقتباس
غير مقروء 06-Nov-2010, 09:21 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
السراح الروقي
عضو ماسي
إحصائية العضو







السراح الروقي غير متواجد حالياً

افتراضي

جزاااااااااااااااااااااااااااك الله خيراً















رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »07:45 PM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي