بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى بخصوص طاعة ولي الأمر والتظاهر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،،
فإني في هذا الوقت العصيب الذي تمر به بلادنا ووطننا الحبيب ليبيا ، أحب أن أزيل اللَّبْس الذي ربما شوش على بعض الناس بسبب فتاوى مسيَّسة من داخل ليبيا وأخرى مرتبطة بدول تخشى أن يأتيها الدور من خارج البلاد بحجة طاعة ولي الأمر وعدم جواز الخروج عليها ، ولذلك فإنني أبيّن:
أولا: إن هذا الاستدلال استدلال خاطئ وفي غير موضعه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع والطاعة لولي الأمر ، ولكنه بين في أحاديث أخرى عديدة صريحة صحيحة طبيعة هذه الطاعة وحدودها وذلك بقوله: " إنما الطاعة في المعروف" و* " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، وما يأمر به النظام الآن ويفعله من الاستعانة بالآلاف من المرتزقة الأجانب جلهم من غير المسلمين لتسفك الدماء وتنتهك الحرمات، أمر لا يختلف اثنان في حرمته كمعصية من أكبر المعاصي والآثام والخطايا، ولا يجوز لأحد من الجنود والقوات الأمنية طاعته وتنفيذ أوامره ، لأن الطاعة في المعروف فقط، وكل من يطلق رصاصة واحدة على أبناء وطنه يعد قاتل نفس عمدا عدوانا والله عز وجل يقول "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها" ، ولا يعفيه من المسؤولية اعتذاره بأنه مكره من قبل النظام، أو يقول إنه يخشى على نفسه الموت لأن الإكراه بقتل النفس غير مباح، وإن أباح الشّرع النطق بالكفر لحفظ النفس إلا أنه من غير الجائز أن تقتل نفساً أخرى خشية أن تقتل أنت لأنك مكره على ذلك.
ثانيا: إن الناس خرجوا مسالمين يطالبون النظام بحقوقهم وهو من المعروف، يأمرونه وينهونه فهم بالتالي لم يخرجوا على النظام الخروج المنهي عنه في الحديث. فهل مسألة نهي النظام عن المنكر وأمره بالمعروف صار أمراً محرما في فهم هؤلاء الشيوخ !
أمر النظام ونهيه من أعظم القربات بنص الأحاديث المستفيضة، ومن قتله الحاكم بسبب أمره ونهيه كان في أعلى درجات الشهادة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أن سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ، هذا هو المشهد في ليبيا وما حصل بعد ذلك من رد فعل المواطنين فإنما هو موقف دفاع مشروع عن النفس، فمن قُتل دون نفسه أو ماله أو عرضه فهو شهيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول هؤلاء المشايخ إن أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر يكون سرا بين الحاكم ومن يأتيه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يكون علنا ، مردود عليهم لأمرين: *نستشهد للأمر الأول بواقعة عمر حينما قال له الصحابة : لو رأينا فيك اعوجاجا لقومنا بحد السيف وكان ذلك علنا بحضور الصحابة ولم ينكره لا عمر الخليفة الراشد ولا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم* الذين كانوا مجتمعين ، وهذا اتفاق منهم على أن ذلك مشروع.
أما الأمر الثاني فإنه لا يوجد حاكم من الحكام المستبدين يسمح اليوم بأن يقول له احد من رعيته شيء يخالف رغبته وإن فعل ذلك فإن مصيره في غياهب السجون.
إن هذه الفتوى تصدر عن المشايخ الذين يتظاهرون بأمر الحاكم ونهيه وهم يقّبلون كتفيه ويديه ولا يخاطبونه إلا بألقاب الفخامة والسيادة ويجلسون على موائده ويتحفهم بأمواله وهداياه ، هل هذا هو أمر الحاكم ونهيه المأذون به شرعا يا أصحاب الفضيلة ! هذا بعينه هو الذي استحق به بنو إسرائيل اللعنة كما أخبر القرآن وجاء في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قول الله تعالى "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم" ، فإنهم كانوا يأمرونهم وينهونهم ولكن كانوا يجالسونهم ويؤاكلونهم ويميلون إليهم ولذلك استحقوا اللعنة.
الأمر الثالث ، الذي أريد أن الفت إليه أذهان شبابنا الذين لا يسمعون الفتاوى إلا من خارج البلاد ، أقول لهم: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الألباني رحمهما الله تعالى قد قالا كلمتهما فيمن أنكر السنة واستهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم علنا في كثير من خطبه ومدون في بعض كتبه مثل قوله "محمد ليس إلا ساعي بريد" ، فهل هذا هو ولي الأمر الذي تجب طاعته؟!
كتابه : الشيخ الصادق عبد الرحمن الغرياني
24 ربيع الأول 1432 هــ
الموافق 27 فبراير 2011 م
http://almanaramedia.blogspot.com/20...post_9678.html