الرئيسية التسجيل التحكم


اختيار تصميم الجوال

العودة   الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة > المنتديات العامة > تاريخ قبائل الجزيرة العربية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: البيت لاعجبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: كل عضو او شاعر يسجل بيتين غزل الفهاا من قصائده .. بشرط ان تكون غزليه فقط .. (آخر رد :الريشاوي)       :: ودي ولا ودي وابيهم ولا ابيه (آخر رد :الريشاوي)       :: واكتبي هذا أنا أنا ليلى العامرية (آخر رد :الريشاوي)       :: البيت لاعْجَبني اجاريه باحساس (آخر رد :الريشاوي)       :: أنـا لا تلوموني ولو ملـت كل الميل (آخر رد :الريشاوي)       :: اوافق .. واقول النفس صعبه مطالبها (آخر رد :الريشاوي)       :: الحب اقفى في ديانا ودودي (آخر رد :الريشاوي)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)       :: امير قبيلة المحاقنة قبل الدولة السعودية (آخر رد :متعب الوحيدب)      

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 11-Dec-2009, 09:20 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الحجري الأزدي
عضو نشيط

الصورة الرمزية الحجري الأزدي

إحصائية العضو






التوقيت


الحجري الأزدي غير متواجد حالياً

Post الازد ومكانتهـم فــي العـــــرب ..

بسم الله الرحمن الرحيم



الأزد ومكانتهم في العربية
إعداد
الدكتور أحمد بن سعيد محمد قشاش


قبائل الازد هم :
من معلوماتي المتواضعة فالأزد بطن عظيم من بطون قحطان وينتشرون في جبال الحجاز من المدينة المنورة حتى مدينة أبها جنوباً وفي نجد وعُمان والشام والعراق وتتفرع من قبيلة الأزد عدة قبائل وهي :

1- أزد السراة وهم قبائل بني شهر وبني عمرو وبالقرن وبالأحمر وباللسمر وعسير ورجال ألمع، ويقطنون الجزء الأكبر من منطقة عسير بجنوب غرب السعودية .

2 - أزد شنوؤة وهم قبائل غامد وزهران ويقطنون منطقة الباحة بجنوب غرب السعودية .

3 - أزد غسان وكانوا يحكمون الشام ويقطنون هناك في الوقت الحالي .

4 - أزد عُمان وأظن أن السلطان قابوس منهم لانهم حكموا تلك المنطقة لمئات السنين .

5 - قبيلتي الأوس والخزرج وهم أنصار الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويقطنون المدينة المنورة .

6 - قبيلة خزاعة وكانوا سدنة بيت الله الحرام قبل قبيلة قريش، ويقطنون بمكة والمدينة والمنورة والبعض يقطن بالعراق الآن .

7 - قبيلة البقوم ويقطنون بين جبال الحجاز ونجد السعودية .

8 - قبيلة الحارثي بالطائف .

9 - قبيلة الدواسر ويقطنون في نجد بالسعودية .

احاديث الرسوال صلى الله عليه وسلم فى الازد

المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه العربي الأمي محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فالأزد جرثومة العرب، بلغوا من المجد قمته، ومن الشرف ذروته، حفظ التاريخ ذكرهم ، ودون مجدهم ، فهم أصحاب الجنتين في مملكة سبأ، وهم سادة العرب وملوكها بعد نزوحهم من اليمن وتفرقهم في أرجاء الجزيرة العربية. وبعد البعثة النبوية كان لهم في الإسلام بادرة عظيمة ومنـزلة شريفة، إذ هم أول القبائل العربية إيمانًا بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقا برسالته، فآووه في أرضهم، ونصروه بأموالهم وأنفسهم. وهم في الفتوحات الإسلامية أصحاب مواقف مشرفة في رفع راية التوحيد ونشر الإسلام في أصقاع الأرض، ثم كان منهم العلماء والشعراء الذين أثروا الثقـافة العربية والإسلامية.
وعُرف الأزد بالفصاحة، فكانوا من أفصح الناس لسانًا، وأعذبهم بيانًا، اعتُمد على لغاتهم في أخذ اللسان العربي، وظهر أثرها الواضح في ألفاظ القرآن الكريم وقراءاته، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما أثر عنهم من أقوال وأشعار وأمثال. كما كانت لغاتهم من مصادر الاحتجاج اللغويّ والنحويّ عند علماء العربية وغيرهم.
ولما كان أمرهم كذلك، رأيت أن يكـون بحثي هذا عن (الأزد ومكانتهم في العربية)
وقد أدخلت تحت هذا العنوان كل بطون الأزد التي نزحت من موطنها الأول مأرب، وهم أزد السراة، و أزد شنوءة، وأزد غسان، وأزد عمان.
وجمعت بين هذه البطون - مع تفرقها في الأوطان المتباعدة - لأمرين:
أحدهما: أن هذه البطون- وإن تفرقت وتباعدت - احتفظت في مواطنها الجديدة بكثير من الخصائص اللغوية الواحدة ، ولم يشاركهم فيها أحد من القبائل المجاورة، أو شاركهم فيها قبائل أخرى هاجرت - أيضًا- من بيئتهم اليمنية القديمة، وهي تمثل جميعًا بيئة لغوية واحدة، هي منطقة مأرب وما حولها من بلاد اليمن.
ثانيهما: أن كتب التراث تعزو في أحيان كثيرة الظاهرة اللغوية إلى الأزد عامة، ولم يكن بوسعي معرفة أي بطون الأزد سُمِعت منها تلك الظاهرة ، فجعلت العنوان عاماً ليتنظم تحته كل ما عزي إلى الأزد عامة أو إلى أحد بطونهم.
وقد سلكت في كتابة هذا البحث منهجًا تاريخيًا وصفيًا، فرجعت في تاريخ الأزد إلى كثير من المصادر التاريخية والجغرافية ، وكتب الأنساب، والتراجم والطبقات.
أما لغاتهم فرجعت في جمعها إلى كل ما وقعت عليه يدي من كتب العربية، وكتب القراءات والتفسير والحديث الشريف، بل وكتب الفقهاء والجغـرافيين والمؤرخين، وغيرهم.
وخرجت من استقراء هذه المصـادر المتناثرة بمادة وفيرة تمثل لغـات الأزد بكافة مستوياتها (الصوتية والصرفية، والنحوية، والدلالية) وقد بلغت من الكثرة حدًا لا ينهض به بحث واحد كهذا ، بل تحتاج كل ظاهرة منها إلى بحث مستقل يوفيها ما تستحق من الدراسة الشّاملة المتأنّية، من أجل هذا أردت أن يكون هذا البحث مدخلاً لدراسة تلك اللغات، وحافزًا إليها، فاخترت من لغاتهم أمثلة كثيرة متنوعة، تنتظم جميع المستويات اللغوية المذكورة، مع محاولة الربط - ما أمكن - بين هذه اللغات وما هو امتداد لها في لهجاتهم المعاصرة.
وقد أقمت هذه الدراسة بعد المقدمة على فصلين وخاتمة وفهرسين.
فكان الفصل الأول بعنوان: (تاريخ الأزد) وفيه تحدثت عن أنسابهم، وقبائلهم، وخروجهم من مأرب وتفرقهم في البلدان، وديانتهم في الجاهلية، ثم ذكرت طرفاً من مآثرهم في الجاهلية والإسلام، وأشرت إلى أشهر من برّز من أبنائهم في الثقافة العربية والإسلامية، ثم انتهيت إلى ذكر بعض الأحاديث والآثار والأشعار التي جاءت في فضلهم والثنـاء عليهم.
أما الفصل الثاني فكان بعنوان (مكانة الأزد في العربية).
وقد ابتدأت هذا الفصل بالحديث عن فصاحة الأزد، وسقت أقوال عدد من العلماء الذين شهدوا لهم بالفصاحة المتناهية ، ابتداء من عصور الاحتجاج وانتهاء بعصـرنا الحاضر.
ثم أوردت أمثلة متنوعة تشتمل على جميع المستويات اللغوية في لغات الأزد، حاولت من خلالها إبراز أهمية هذه اللغات، ومدى شيوعها في كتب التراث العربي والإسلامي بعامة.
ثم الخاتمة، وقد تضمنت خلاصة للبحث، وأهم نتائجه.
أما الفهرسان، فكان أحدهما للمصادر والمراجع، والآخر للموضوعات.
والله أسال أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به، إنه خير مسؤول، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيراً.

الفصل الأول: تاريخ الأزد
المبحث الأول: نسبهم:
تنتسب قبائل الأزد جميعًا إلى الأزْد بن الغوث بن نَبْتٍ بن مالك بن زيد بن كَهْلان بن سبأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان والأزد لقبه، واسمه دِراء بوزن (فِعَال)، والأزْد والأسْد لغتان، والأخيرة أفصح، إلا أن الأولى أكثر [1].
قال ابن دريد:"اشتقاق الأسْد من قولهم: أسِدَ الرجل يأسَدُ أسْدًا، إذا تشبّه بالأسد" [2].
وفي التصريح: "اختلف في تسميته أزدًا، وأسدًا، فقيل: لأنه كان كثير العطاء، فقيل له ذلك، لكثرة من يقول أسدى إلـيّ كذا، أو أزدى، وقيل لأنه كان كثير النكاح، والأزْد والأسْد النّكاح" [3].
وكان للأزد سبعة أولاد تفرعت عنهم جميع قبائل الأزد، وهم: مازن، ونصر، والهنو، وعبد اللَّه، وعمرو، وقُدار، والأهْيُوب [4].

المبحث الثاني: قبائلهم:
يذكر النسابون أن القبائل التي تنتسب إلى الأزد افترقت على نحو ست وعشرين قبيلة، وهي: جَفْنَة، وغسّان، والأوس والخزرج، وخُزاعة، ومازن، وبارق، وألمع، والحَجْر، والعَتيك، وراسب، وغامد، ووالِبَة، وثُمَالة، ولِهْب، وزهران، ودُهمان، والحدّان، وشَكْر، وعَكّ، ودوس، وفَهْم، والجَهاضم، والأشاقر، والقَسامل، والفَراهيد [5].

المبحث الثالث: خروجهم من مأرب وتفرقهم في البلدان:
كانت مأرب وما حولها من أرض اليمن الموطن القديم للأزد، حيث كانوا يعيشون في رغد من العيش على ضفاف وادي سد مأرب الشهير، وقد وصف المسعودي أرضهم فقال: "كانت من أخصب أرض اليمن، وأثراها، وأغدقها، وأكثرها جنانًا وغيطانًا، وأفسحها مروجًا، مع بنيان حسن، وشجر مصفوف، ومساكب للماء متكاثفة، وأنهار وأزهار متفرقة" [6] حتى قيل: إن المرأة كانت تخرج وعلى رأسها مكتل، وتسير بين الشجر، فيمتلئ من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها [7] ولم يكن بأرضهم بعوض ولا ذباب ولا براغيث ولا عقارب ولا حيّات ولا هوام [8] ، فكانت كما قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [9] ولكنهم كفروا بأنعم اللَّه، وأعرضوا عن اتباع رسله، وعبدوا الشمس والكواكب [10] فعاقبهم اللَّه بسيل العرم، فخرّب سدهم، وأتى على أموالهم وزروعهم وبيوتهم فدمرها، كما قال تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [11]
وقد تفرقوا بعد خراب السّد في البلاد مزقًا، كما قال اللَّه عنهم:
{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [12].
وضرب العرب بتفرقهم الأمثال، فقالوا:
"تفرقوا أيدي سبأ، وذهبوا أيادي سبأ" [13].
ويرى أكثر المؤرخين أن نزوح الأزد عن مأرب كان قبيل انهيار السد بزمن قليل في عهد عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن نحو سنة 115 قبل الميلاد، على إثر علامات ظهرت لهم تنذر بخرابه [14].
ومن المؤرخين من يرى أنهم نزحوا جميعًا عن مأرب في عهد عمرو المذكور بعد خراب السد، وغرق جناتهم، وذهاب أشجارهم، وإبدالهم خمطًا وأثلاً وشيئًا من سدر قليل [15].
ويشكك الشيخ حمد الجاسر في تحديد رحيل الأزد من اليمن بخراب السد، فيقول: "وانتقال تلك القبائل - أو جلها - من اليمن أمر معقول ومقبول، ولكن كونها انتقلت إثر خراب السد أمر مشكوك فيه، ذلك أن المتقدمين يؤرخون حادثة الخراب بأنها في عصر الملك الفارسي دارا بن بهمن، ودارا هذا هو الذي غزاه الإسكندر الكبير في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، والأدلة التاريخية والنقوش التي عثر عليها في أمكنة كثيرة في جنوب الجزيرة وشمالها، وفي أمكنة أخرى خارجها، تدل على انتشار كثير من تلك القبائل التي ورد ذكرها خارج اليمن قبل سيل العرم، وليس من المعقول أيضًا أن تلك الرقعة الصغيرة من الأرض، وهي مأرب تتسع لعدد كبير من السكان يتكون من قبائل.
والأمر الذي لا ريب فيه أن انتقال تلك القبائل كان في فترات متفرقة، وفي أزمان متباعـدة، فعندما تضيق البلاد بسكانها ينتقل قسم منهم بحثًا عن بلاد تلائم حياتهم" [16].
وذكر الهمداني خبر نزوحهم من مأرب وتفرقهم في البلدان، فقال: "ولما خرج عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء هو ومالك بن اليمان من مأرب في جماعة الأزد، وظهرا إلى مخلاف خولان، وأرض عَنْس، وحقل وصنعاء، فأقبلوا لا يمرون بماء إلا أنزفوه، ولا بكلأ إلا سحقوه لما فيهم من العَدد والعُدد والخيل والإبل والشاء والبقر وغيرها من أجناس السوام، وفي ذلك تضرب لهم الرواد في البلاد تلتمس لهم الماء والمرعى... ثم إنهم أقاموا بأزال وجانب من بلد همدان في جوار ملك حمير في ذلك العصر حتى استحجرت خيلهم ونعمهم وماشيتهم، وصلح لهم طلوع الجبال، فطلعوها من ناحية سهام ورَمِعَ، وهبطوا منها على ذؤال، وغلبوا غافقًا عليها، وأقاموا بتهامة ما أقاموا حتى وقعت الفرقة بينهم وبين كافة عكّ، فساروا إلى الحجاز فرقًا، فصار كل فخذ منهم إلى بلد، فمنهم من نزل السروات، ومنهم من تخلف بمكة وما حولها، ومنهم من خرج إلى العراق، ومنهم من سار إلى الشام، ومنهم من رمى قصد عمان، واليمامة والبحرين... فأما ساكن عمان من الأزد فيحمد وحدّان ومالك والحارث وعتيك وجديد، وأما من سكن الحيرة والعراق فدوس، وأما من سكن الشام فآل الحارث: محرق وآل جفنة ابنا عمرو، وأما من سكن المدينة فالأوس والخزرج، وأما من سكن مكة ونواحيها فخزاعة، وأما من سكن السروات فالحَجْر بن الهنو ولهب وناه وغامد ومن دوس وشَكْر وبارق السوداء وحاء وعلي بن عثمان والنمر وحوالة وثمالة وسلامان والبقوم وشمران وعمرو، ولحق كثير من ولد نصر بن الأزد بنواحي الشحر وريسوت وأطراف بلد فارس فالجويم فموضع الجلندى" [17].
وذكر ابن هشام أنهم ساروا بعد حروبهم مع عك وهمدان إلى نجران، ومنها تفرقوا في البلدان، فسار بنو نصر بن الأزد إلى عمان، ونزل أزد شنوءة أرض شنء، ونزلت خزاعة بطن مرّ، ونزلت قبيلتا الأوس والخزرج يثرب، ونزل بنو همدان بن الأزد بابل بالعراق، وسار بنو جفنة إلى الشام، ونزلوا دمشق وبصرى وغويرًا وحفيرًا، ونزل السراة بنو هبير بن الهبور بن الأزد، وبعض بني نصر بن الأزد [18].
وفي أخبار مكة للأزرقي: أنهم ساروا جميعًا إلى مكة، فقاتلوا جرهمًا بعد أن منعتهم الجوار، فهزموها، ولم يفلت منها إلا الشريد أو من اعتزل القتال، ثم أقاموا بمكة وما حولها حولاً، فأصابتهم الحمى، وكانوا في بلادهم لا يدرون ما الحمى، فدعوا طريفة الكاهنة، فشكوا إليها الذي أصابهم، فأشارت عليهم في ألفاظ مسجوعة بالرحيل إلى عدد من البلدان على نحو ما ذكر ابن هشام [19].
وذكر البكري وياقوت أن خثعم بن أنمار كانت منازلهم جبال السراة وما والاها أو قاربها في جبل يقال له: شنء، وجبل آخر يقال له: بارق، وجبال معهما، حتى مرت بهم الأزد في مسيرها من أرض سبأ وتفرقهم في البلدان، فقاتلوا خثعمًا فأنزلوهم من جبالهم وأجلوهم عن مساكنهم، ونزلها أزد شنوءة غامد وبارق ودوس، وتلك القبائل من الأزد، فظهر الإِسلام، وهم أهلها وسكانها [20].
وحدد الهمداني مواطن الأزد في جبال السراة وذكر بعض القبائل المجاورة لهم، وأشار إلى شيء من مظاهر حياتهم المعيشية كالزراعة والرعي والصيد، فقال: "بطون الأزد، مما تتلو عَنْز إلى مكة منحدرًا: الحجر.. ثم قطع بين الحجر وبين بلاد شَكْر بطنان من خثعم يقال لهم ألوس والفزع فقطعتاه إلى تهامة وسعد الهماهم نزارية، ثم بلد شَكْر سروي، ثم غامد، ثم بلد النمر، ثم بلد دوس، ومن وراء ذلك بلد بجيلة... وبسراة الحجر البر والشعير والبلس والعتر واللوبياء واللوز والتفاح والخوخ والكمثرى والإجاص، والعسل في غربيها والبقر وأهل الصيد، وشرقيها من نجد أهل الغنم والإِبل" [21].
وقال: "سراة الحجر نجدها خثعم وغورهم بارق، ثم سراة ناه من الأزد وبنو القرن، وبنو خالد نجدهم خثعم وغورهم قبائل من الأزد، ثم سراة الحال لشَكْر نجدهم خثعم وغورهم قبائل من الأسْد بن عمران، ثم سراة زهران من الأزد دوس وغامد، والحُر نجدهم بنو سواءة بن عامر وغورهم لهب، وعويل من الأزد وبنو عمرو، وبنو سواءة خليطي والدعوة عامرية، ثم سراة بجيلة" [22].
وقسم بعض العلماء قبائل الأزد إلى مجموعات رئيسة بحسب المواطن التي رحلوا إليها، قال الجوهري: "يقال: أزد شنوءة، وأزد عُمان، وأزد السّراة" [23].
وقال ياقوت: "الأزد تنقسم إلى أربعة أقسام: أزد شنوءة، وأزد السّراة، وأزد غسّان، وأزد عُمان" [24].
فأما أزد السّراة: فهم جميع بطون الأزد الذين نزلوا جبال السّراة، كما جاء في قول الهمداني المتقدم، وقد غلبوا عليها حتى خصهم بها كثير من العلماء [25]، وهم بنو نصر بن الأزد (أزد شنوءة) غامد وزهران ولهب وثمالة وغيرهم، وبطون أخرى من بني مازن بن الأزد، وهم بارق وشَكْر وألمع والأسد بن عمران، وبنو الحجر بن الهنو بن الأزد، وبنو قَرْن بن عبد اللَّه بن الأزد.
وأما أزد عمان: فهم بطون من أبناء العتيك بن الأزد بن عمرو مزيقياء من نسل مازن بن الأزد [26]، وبطون من أبناء عمرو بن نصر بن الأزد [27] ولحق بهم من السّراة مالك بن فهم الدوسي، وبطون أخرى من نسل غالب بن عثمان بن نصر بن زهران، وغلب هؤلاء على عمان، فعرفوا هم وأخوتهم من أبناء العتيك بأزد عمان [28].
ورحل كثير من هؤلاء إلى مدن العراق كالبصرة والحيرة والموصل، وكان منهم جَذِيمة الأبرش بن مالك بن فهم، ملك العراق، وأعظم ملوك العرب في الجاهلية [29]، ومنهم من عبر البحر إلى بلاد فارس، وهم من ولد سُلَيمة بن مالك ابن فهم، وسكنوا جبل يقال له: القُفْس، من أقليم كرمان [30].
ويرى بعض المحدثين أن بطون الأزد التي نزحت إلى عمان سموا أزد السّراة [31]. وهذا غير صحيح، لما تقدم من أن أزد السّراة إنما سموا بهذا الاسم، لأنهم نزلوا جبال السّراة ، وأما من نزل منهم بعمان فقد عُرف بأزد عمان ، سواء أولئك الذين هاجروا إليها من مأرب ، أو الذين هاجروا إليها لاحقًا من السّراة.
وأما أزد غسّان: فهم أشهر بطون الأزد [32]، وهم خزاعة، والأوس والخزرج، وآل جَفْنة، وبارق، وشَكْر، والعتيك، والأسد بن عمران، وهؤلاء كلهم يجتمعون في عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف من أبناء مازن بن الأزد [33]، وقد استوطنت خزاعة مكة، والأوس والخزرج المدينة، وآل جفنة الشام، وغلب عليهم اسم غسّان، واستوطن العتيك عمان، واستوطن البقية جبال السّراة [34].
قال ابن الكلبي: "غسّان: ماء شربوا منه فسموا به، وهو ما بين زَبِيْد ورِمَع، وهذان واديان للأشعرين" [35].
وقال ابن عبدة النّسّابةغسّان ماء بالمُشَلَّل فمن شرب منه من الأزد أيام تفرقهم بعد سيل العرم فهو غسّاني" [36].
والمشلل: جبل مشرف على قُدَيد قريب من الجحفة ، وهو في طريق السائر من مكة إلى المدينة [37].
أما أزد شنوءة: فقد نزلوا السّراة، وهم أعظم بطون الأزد عددا وأصرحهم نسبًا، قال الخليل: أزد شنوءة: أصح الأزد فرعًا وأصلاً. وأنشد:

ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر [38] فما أنتم بالأزد أزد شنوءة
وشنوءة بالهمز، وشنوّة بتشديد الواو من غير همز، من الشنآن، وهو التباغض، قال ابن دريد: "وبه سمي أبو هذا الحي من الأزد" [39].
وقال أبو عبيد: الشنوءة: الذي يتقزز من الشيء، وبه سمي أزد شنوءة [40].
وقال الخفاجي: سموا بهذا "لعلو نسبهم وحسن أفعالهم، من قولهم: رجل شنوءة، أي طاهر النسب ذو مروءة" [41].
وقال ياقوت: "شنوءة... مخلاف باليمن، بينها وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخًا، تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم: أزد شنوءة" [42].
وقال العمروي: "شنوءة هي: قبائل الأزد، شربوا من جبال شنء الواقعة في بلاد بني مالك عسير، وهي إلى الشمال من أبها بخمسة عشر كيلاً، وتعرف العيون حاليًا بـ"عيون ابن يعلا، وعين ابن جرادة، وعين ابن مصافح، وعين ابن الغربيين" وتنبع كلها من جبال شنء، وهي مجموعة من الجبال عُرفت في الماضي والحاضر بجبال شنء، وعُرف الذين شربوا منها برجال شنوءة" [43].
واختلفوا في صاحب هذا اللقب على أقوال [44] أرجحها أنه لقب لنصر بن الأزد غلب على بنيه، وهم غامد وزهران ولهب وثمالة وماسخة وراسب وغيرهم، فكل من ينتسب إلى أزد شنوءة فهو من بني نصر بن الأزد بن الغوث [45].
ونزل معظم أزد شنوءة السراة، وشاركهم في منازلهم بالسّراة - كما ذكرنا - بنو الحجر بن الهنو بن الأزد، وبنو قرْن بن عبد اللَّه بن الأزد، وبطون من بني مازن بن الأزد، وهم بارق وشكر والأسد بن عمران، ولذلك عد بعض العلماء بارقًا من أزد شنوءة [46]، ولعل ذلك من باب التغليب لمجاورتهم هؤلاء [47].
وبقي فريق من الأزد في تهامة إلى جانب عكّ ، وسموا (أزد الجيش)، واستقر فريق منهم في الجبال المطلة على تهامة ، وسموا (أزد نجد) جاء ذكرهما في النقوش اليمنيـة [48]، ولم أجد لهما ذكرًا بهذا الاسم في المصادر العربية.

المبحث الرّابع: ديانتهم في الجاهلية:
كان الأزد في الجاهلية على بقية من دين إبراهيم عليه السلام، فكانوا يعظمون البيت ويطوفون به، ويحجون ويعتمرون، ويقفون بعرفة ومزدلفة، ويهدون البُدَن [49] وكانت تلبيتهم إذا قصدوا مكة:
يا رب لو لا أنت ما سعينا
بين الصفا والمروتين فينـا
ولا تصدقنـا ولا صـلينا
ولا حللـنا مع قريش أينا
البيت بيـت اللَّه ما حيينا
والله لو لا اللَّه ما اهتـدينا
نحج هذا البيت ما حيينا [50]
وكانت تلبية خزاعة، وهم أحد بطون الأزد:
نحن ورثنا البيت بعد عادْ
ونحن من بعـدهم أوتادْ
فاغفر فأنت غافر وهادْ [51]
ويُروى للأوس والخزرج:
لبيك حجًا حقًّا
تعبـدًا ورقًّـا
جئناك للنّصاحة
لم نأت للرّقاحة [52]
وكان لهم - كغيرهم من قبائل العرب - أصنام يعبدونها لتُقَرِّبهم - كما زعموا - إلى اللَّه زلفى، ومن أشهرها:
1- مَنَاة، وكان يعبده الأوس والخزرج، وأزد شنوءة وغيرهم من الأزد، وكان على ساحل البحر قرب قُديد، وسدنته الغطاريف من الأزد [53].
2- السّعَيدة: كانت تعبدها الأزد، وكان سدنتها بنو العجلان، وكان موضعها بأحد [54].
3- ذو الخَلَصَة، قال ابن الكلبي: "وكان مروة بيضاء منقوشة كهيئة التاج، وكانت بتَبَالَة بين مكة واليمن على مسيرة سبع ليال من مكة، وكان سدنتها بنو أمامة من باهلة بن أعصر، وكانت تعظمها وتهدي لها خثعم وبجيلة وأزد السّراة ومن قاربهم من بطون العرب من هوازن" [55].
وقال ابن إسحاق: "وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة" [56].
وفي صحيح البخاري أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة" [57]، أي يعبدونه كما كانوا يعبدونه في الجاهلية.
وقد بعث إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد اللَّه البجلي فهدمه [58].
4- ذو الكَفَّين، وكان لدوس وبني منهب بن دوس [59] وقال ابن حبيب: "وكان ذو الكفين لخزاعة ودوس" [60]. فلما أسلموا بعث النبي صلى الله عليه وسلم الطفيل ابن عمرو الدوسي فحرّقه، وهو يقول:
يا ذا الكفين لست من عُبّادكا
ميلادنا أكـبر من ميـلادكا
إني حشوت النار في فؤادكا [61]
5- ذو الشَّرَى، وكان لبني يشكر بن مُبشّر من الأزد [62] وفي السّيرة لابن هشام [63] عن الطفيل بن عمرو الدوسي أنه كان صنمًا لدوس.
6- عائم، ذكر الكلبي أنه كان لأزد السراة [64].
7- باجَر، قال ابن دريد: هو صنم كان للأزد في الجاهلية ومن جاورهم من طيئ وقضاعة، وربما قالوا: باجِر بكسر الجيم [65].

المبحث الخامس: مآثرهم في الجاهلية والإسلام:
وُصِف الأزد بأنهم من أعظم قبائل العرب وأكثرها بطونًا وأمدها فروعًا [66] وتاريخ الأزد حافل في الجاهلية والإِسلام، ففي الجاهلية - قبل رحيلهم عن مأرب - كانت لهم السّيادة والسّيطرة على أجزاء كثيرة من بلاد اليمن [67].
وبعد تفرقهم ملكوا معظم بلاد الشّام والعراق وعُمان والحجاز والسّروات [68].
ولما كانت البعثة النبوية، ودعا الرسول صلى اللَّه عليه وسلم الناس إلى الإِسلام كان الطفيل بن عمرو الدوسي أول من اعتنق الإِسلام من الأزد، وكان ذلك منه قبل الهجرة، وقد عرض على الرسول - صلى اللَّه عليه وسلم - الإيواء والنصرة [69].
وكان الأوس والخزرج أول القبائل العربية استجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم وأول من آواه ونصره، ومن ثم سماهم اللَّه (الأنصار)، وأثنى عليهم في مواضع كثيرة من كتابه الكـريم ، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [70] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [71].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شِعبًا لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. فقال أبو هريرة: ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه" [72].
وكان للأزد في الفتوحات الإِسلامية المواقف البطولية المشرفة، والذكر الحسن المعروف، إذ كان منهم: القادة والجند والشعراء الذين دون التاريخ أسماءهم، وسجل أخبارهم، فلهم بسالة مشهودة، وجهاد صادق معهود [73].
وقد برّز من أبناء الأزد رجال كثيرون كان لهم أثر كبير في الثقافة العربية والإِسلامية، منهم: الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه الذي كان أكثر الصحابة - رضوان اللَّه عليهم - رواية لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومُسَدَّد بن مُسَرْهَد شيخ الإمام أحمد، وهو أول من صنّف مسندًا للحديث في مدينة البصرة، والإِمام محمد ابن أحمد الطّحاوي صاحب المصنفات المعروفة، ومن أشهرها شرح معاني الآثار، والخليل بن أحمد مصنف كتاب العين، ومخترع علم العروض، وابن دريد مؤلف معجم جمهرة اللغة، ومحمد بن يزيد المبرد، صاحب كتاب الكامل في اللغة والأدب، والحافظ عبد الغني بن سعيد مؤلف أول كتاب في الموتلف والمختلف من الأسماء والكنى والألقاب، وأبو زيد الأنصاري، وأبو سعيد السكري، وأبو الحسن الهنائي، وغيرهم كثير [74].
كما برّز من أبناء الأزد شعراء فحول ، من أشهرهم في الجاهلية عبد الله بن سلمة الغامدي أحد شعراء المفضليات [75]، وقيس بن الخطيم [76] ، والشنفرى الأزدي، صاحب (لامية العرب) وهي القصيدة التي فاقت بشهرتها الأدبية واللغوية سائر ما نظمه الشعراء الجاهليون ، الأمر الذي أغرى العلماء بشرحها وإعرابها، وقد زادت شروحها عن خمسة عشر شرحًا [77]. وتجاوز الاعتناء بها علماء العرب إلى المستشرقين، فدرسوها ونقلوها إلى لغاتهم، وأهم اللغات التي نقلت إليها الإنجليزية والفرنسية واليونانية والإيطالية والروسية [78].
ومن شعرائهم في الإسلام حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب ابن مالك - رضي الله عنهم أجمعين - والثلاثة - من شعراء الأنصار الخزرجيين الذين أبلوا بلاء حسنًا في الدفاع عن الإسلام والمسلمين ، والرد على شعراء الكفر الكثيرين [79].
وقد ورد في فضل الأزد والثناء عليهم أحاديث وآثار كثيرة، نذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم:"الأزد جرثومة العرب فمن أضل نسبه فليأتهم" [80].
وقوله: "الأمانة في الأزد والحياء في قريش" [81].
وقوله:"أتتكم الأزد أحسن الناس وجوهًا، وأعذبها أفواهًا، وأصدقها لقاءً" [82].
وفي خبر قدوم وفد الأزد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال بعد أن سمع مقالتهم: "حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء" [83].
وعن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أنه قال: "للأزد أربع ليست لحيّ: بذل لما ملكت أيديهم، ومنع لحوزتهم، وحيّ عمارة لا يحتاجون إلى غيرهم، وشجعان لا يجبنون" [84].
وكان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه محبًا لهم، معتمدًا عليهم، واثقًا بهم، روى الحارث بن يزيد أنه كتب إلى مسلمة بن مخلد وهو على مصر: "ولا تولّ عملك إلا أزديًّا أو حضرميًّا، فإنهم أهل الأمانة" [85].
وكان أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: "إن لم نكن من الأزد فلسنا من الناس" [86].
وفي حج عام (579ﻫ) وصف الرَّحَّالة ابن جبير أزد السّراة بأنهم أهل صلاح وصدق نية، واعتقاد صحيح، فقال: "فلا تجد لديهم من أعمال العبادات سوى صدق النية، فهم إذا طافوا بالكعبة المقدسة يتطارحون عليها تطارح البنين على الأم المشفقة، لائذين بجوارها، متعلقين بأستارها، فحيثما علقت أيديهم منها تمزق لشدة اجتذابهم لها، وانكبابهم عليها، وفي أثناء ذلك تصدع ألسنتهم بأدعية تتصدع لها القلوب، وتتفجر لها الأعين الجوامد فتصُوب، فترى الناس حولهم باسطي أيديهم مؤمنّين على أدعيتهم، متلقنين لها من ألسنتهم على أنهم طول مقامهم لا يتمكن معهم طواف، ولا يوجد سبيل إلى استلام الحجر" [87].
وبمثل هذا وصفهم الرحالة ابن بطوطة، وأضاف: "وهم شجعان أنجاد، ولباسهم الجلود، وإذا وردوا مكة هابت أعراب الطريق مقدمهم، وتجنبوا اعتراضهم. ومن صحبهم من الزوار حمد صحبتهم، وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم وأثنى عليهم خيرًا، وقال: "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء" وكفاهم شرفًا دخولهم في عموم قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "الإِيمان يمان والحكمة يمانية".
وذُكر أن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم ، تبركًا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: "زاحموهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبًا" [88].
واشتهر أزد شنوءة بكمال الخلقة البشرية. وفي الحديث في حق موسى: "كأنه من رجال شنوءة" [89].
ووُصِف بنو لِهْب من بني نصر بن الأزد بأنهم أعْيَف العرب، ولهم في ذلك أمور عجيبة [90]، وفيهم يقول كثير عزة [91].
وقد ردّ علمُ العائفين إلى لهب تيممت لهبًا ابتغي العلم عندهم
كما وُصف بنو ثمالة، وهم إخوة بني لهب، بأنهم أهل رويّة وعقول [92]، وإليهم ينتمي محمد بن يزيد المبرد.
وذكرهم الشعراء، فأثنوا على خصالهم الحميدة، قال مُضَرِّس بن دُومي النهدي [93]:
رأيت وجـوه الأزد فيها تَهَـلَّلُ إذا الحرب شالت لا قحًا وتحَدَّمَت
لها خُلِقوا والصَّبر للموت أجمـلُ حيـاء وحفظـًا واصطبارًا وإنهم
ويمشون مشي الأُسْدِ حين تبسّلُ وهم يضمنون الجار من كلّ حادثٍ
على كلّ ما حالٍ يُحبُّ ويوصَلُ يُرى جـارهم فيها منيـعًا مكرمًا
عـزيزٌ حِمَاه في عَمَايةَ يعقِـلُ إذا سِيم جارُ القوم خَسْفًا فجارهم

الفصل الثاني: مكانة الأزد في العربية
المبحث الأول: شواهد من أقوال العلماء:
كان الأزد، وبخاصة أزد السّراة من أفصح قبائل العرب، شهد لهم بذلك العلماء عبر العصور ، بدءً ا بعصور الاحتجاج اللغوي، وانتهاء بعصرنا الحاضر.
قال أبو حاتم السجستاني: نزل القرآن على سبع لغات متفرقة في القرآن الكريم، وهي لغات قريش، وهذيل، وتميم، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر [94].
وقال ابن فارس: "ويروى مرفوعًا أن القرآن نزل على لغة الكعبين: كعب بن لويّ، وكعب بن عمرو، وهو أبو خزاعة" [95]. وخزاعة - كما تقدم - قبيلة أزدية، نزلت بعد نزوحها من اليمن مكة وما جاورها. قال ابن شميل: الخزاعيون من أعرب الناس [96].
ووصف أبو حاتم السجستاني أهل المدينة - وجل أهلها من الأزد، وهم الأنصار - بأنهم فصحاء، لقلة ما يخالطهم من الأعاجم [97].
وقال الخليل بن أحمد: "أفصح الناس أزد السراة" [98].
وقال أبو عمرو بن العلاء: "كنا نسمع أصحابنا يقولون: أفصح الناس تميم وقيس وأزد السّراة وبنو عذرة" [99].
وقال أيضًا: "أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث:وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن، أولها هذيل، وهي التي تلي السهل من تهامة، ثم بجيلة، وهي السّراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد أزد شنوءة، وهم بنو كعب ابن الحارث بن كعب بن عبد اللَّه بن مالك بن نصر بن الأزد" [100].
ونقل ابن رشيق [101] والسيوطيّ [102] قول أبي عمرو هذا مصدرًا بعبارة: "أفصح الشعراء ألسنًا وأعربهم أهل السروات" ثم ساقا بقية النص على نحو ما أوردنا.
وقال المبرد: "حدثني علي بن القاسم الهاشمي قال: رأيت قومًا من أزد السّراة لم أر أفصح منهم، وكانوا يلبسون الثياب المصبّغة، قلت لأحدهم: ما حملك على لبس الثياب المصبّغة؟ قال: ابتغاء الحسن" [103].
وحدد الهمداني القبائل الفصيحة في عصره بقوله: "ثم الفصاحة من العَرْض في وادعة، فجَنْب، فيام، فزُبيد، فبني الحارث، فما اتصل ببلد شاكر من نجران إلى أرض يام، فأرض سنحان، فأرض نهد وبني أسامة، فعَنْز، فخثعم، فهلال، فعامر بن ربيعة، فسراة الحَجْر، فدوس، فغامد، فشَكْر، ففهم، فثقيف، فبجيلة، فبنو علي، غير أن أسافل سروات هذه القبائل ما بين سراة خولان والطائف دون أعاليها في الفصاحة" [104].
ووصف الهجري أزد السّراة بأنهم فصحاء، وأنشد لخمسة عشر شاعرًا منهم [105].
وأثنى ابن جبير على فصاحتهم فقال: "والقوم عرب صرحاء فصحاء جُفاة أصحاء، وأما فصاحتهم فبديعة جدًا... وشاهدنا منهم صبيًا في الحجر قد جلس إلى أحد الحجاج يعلّمه فاتحة الكتاب وسورة الإخلاص، فكان يقول له: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيقول الصبيهو اللَّه أحد) فيعيد عليه المعلم، فيقول له: ألم تأمرني بأن أقول: هو اللَّه أحد؟ قد قلت) فكابد في تلقينه مشقة، وبعد لأي ما علقت بلسانه.
وكان يقول له: "{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}" فيقول الصبي:"بسم اللَّه الرحمن الرحيم، والحمد للَّه" فيعيد عليه المعلم، ويقوله له: "لا تقل: والحمد للَّه، إنما قل: الحمد للَّه" فيقول الصبي: "إذا قلت بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أقول: والحمد للَّه، للاتصال، وإذا لم أقل: بسم اللَّه، وبدأت قلت: الحمد للَّه" فعجبنا من أمره ومن معرفته طبعًا بصلة الكلام وفصله دون تعلّم"<a style='mso-footnote-id:ftn106' href="#_ftn106" name="_ftnref106" tit















آخر تعديل الحجري الأزدي يوم 11-Dec-2009 في 09:23 AM.
 

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن »11:26 AM.


 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
اتصل بنا تسجيل خروج   تصميم: حمد المقاطي