بنو سعد بن بكر ؛ فروعهم وديارهم وشيء من أخبارهم:
بنو سعد هم بنو سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وهم اظئآر النبي صلى الله عليه وسلم ويعرفون بسعد الحضنة روى ابن إسحاق بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استرضعت في بني سعد بن بكر " قال ابن كثير في ذكر إسناد هذا الحديث : " إسناد جيّد قوي " ( 7 ) ، قال أبو الفرج الأصفهاني : " وبنو سعد تفتخر بذلك على سائر هوازن " قال : " وحقيق بكل مكرمة وفخر من اتّصل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدنى سبب أو وسيلة " ( 8 ) وكانوا من أفصح العرب قال ابن عبد ربّه : " بنو سعد بن بكر بن هوازن أفصح العرب فهم من الأعجاز وهم قبائل من مضر متفرّقة " ( 9 ) وقال ابن سعيد في ذكرهم : " هم أفصح العرب " ( 10 ) ، وقال ابن عبد ربّه : " قال صلى الله عليه وسلّم : " أنا ابن الفواطم والعواتك من سليم واسترضعت في بني سعد بن بكر ، وقال : نزل القرآن بأعرب اللغات فلكلّ العرب فيه لغة ولبني سعد بن بكر سبع لغات " ( 11 ) ، قال ابن عبد البرّ : " روى الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس قال : أنزل القران على سبعة أحرف صار منها في عجز هوازن خمسة " ( 12 ) وقال الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي نقلا عن الكلبي : " إنه روى عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل القرآن على سبع لغات منها خمس بلغة العجز من هوازن ، قال أبو عبيد : العجز هم سعد بن بكر وجشم بن بكر ونصر بن معاوية وثقيف " ( 13)
وقال العلاّمة أبن جابر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
بدا من خير بيت في قريش ***** وأرضع في بني سعد بن بكر
فضمّ إلى فصاحة آل سعد ***** سماحة هاشم وجلال فهر
وقال بعضهم:
لقد بلغت بالهاشمي حليمة ***** مقاما علا في ذروة العزّ والمجد
وزادت مواشيها وأخصبت ربعها ***** وقد عمّ هذا السعد كل بني سعد ( 14)
وقال ابن الديبع الشيباني في ذكر اللغات التي نزل بها القرآن:
نزل القرآن بلفظ سبع قبائل ***** وهم قريش مع خزاعة واليمن
وتميمٌ ثمّ هذيل والسعدان ***** سعد هذيم مع سعد بن بكر فاعلمن ( 15)
وقال أبو أسماء الضريبة النصري السعدي في ذكر حروب الفجار:
نحن كنّا الملوك من أهل نجد ***** وحماة الذمار عند الدمار
ومنعنا الحجاز من كل حي ***** فمنعنا الفجار يوم الفجار ( 16)
وقال ابن أبي الزوائد السعدي يفخر بقومه:
والحيّ من سعدٍ ذؤابة قومهم ***** والفخر منهم والسنام الواري
والمانعون من العدوّ ذمارهم ***** والمدركون عدّوهم بالثأر
والناكحون بنات كلّ متوّج ***** يوم الوغى غصبا بلا إمهار ( 17)
وقال أبو وجزة السعدي:
فكنت وسيطا في سليم معاقداً ***** لسعدٍ وسعدٌ ما يحلّ لها عقد
وقال:
فلم أر قوما مثل قومي إذ هم ***** بأوطانهم أعطى وأغلى المرابح
وأعبط للكوماء يرغو حوارها ***** وأندى أكفّاً بين معطٍ ومانح
وأكثر منهم قائماً بمقالةٍ ***** تفرّج بين العسكر المتواطح
وقال:
مطاعيم ضرّابون للهام قادةٌ ***** معاطٍ بأرسان الجياد السوابح
لهم حاضر لا يجهلون وصارخٌ ***** كسيل الغوادي ترتمي بالقوازح
فإذا كان قومي أصبحوا حوّطتهم ***** نوى ذات أشطانٍ لبعض المطارح
فما كان قومي ضارعين أذلّةً ***** ولا خذلاً عند الأمور الجوارح ( 18)
وقال الجوّاني ( ت 588 هــ ) : " سعد بن بكر وإليه يرجع كل سعدي من عشيرة حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصيّة بن نصر بن سعد المذكور " ( 19 ) وقال البسّام ( ت 1246 هــ 1831 م ) في ذكر قبائل الحجاز : " ومنهم بنو سعد ذوو الوفاء بالعهد والصدق في الوعد عددهم خمسة آلاف سقماني " ( 20 ) ويقصد بالسقمان الحرس من الراجلة ، وفي ذكرهم قبل نحو قرنين قال الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت في ذكر بني سعد في جنوب الطائف : " قبيلتا بني سعد وقحطان معروفتان في التاريخ الموغل في القدم " ( 21 ) وقال المستشرق الألماني أوبنهايم في ذكرهم : " بنو سعد بن بكر الذين تربطهم صلة قرابة مع فهم وعدوان مشهورون جدا في العالم الإسلامي لأن لهم صلة بتاريخ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) منذ طفولته إذ أنّ حليمة السعدية مرضعة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تنتمي إلى هذه القبيلة التي كان نساؤها يمارسن مهنة إرضاع أطفال مكة الذين كانوا ينمون في الهواء النقي في المنطقة العالية بصورة أفضل من تهامة الحارّة " قال : " وهي اليوم مستقرة كليّا وتسكن في الجبال جنوب الطائف " ( 22 ) وقال الأستاذ فؤاد حمزة في كتابه الصادر عام 1353 هــ 1933 م : " بنو سعد قبيلة عربية شريفة الأرومة منها حليمة بنت أبي ذؤيب ظئر الرسول صلى الله عليه وسلم وديارها من الطائف إلى جهة الجنوب الشرقي وتحسب هذه القبيلة اصل قسم كبير من عتيبة " ( 23)
الحواشي:
العرب ، سنة 29 ، ص 189(1)
المصدر السابق ، سنة 29 ، ص 191 , 192(2)
العرب سنة 30 ص 425(3)
كتاب الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار ، ج 2 ، حاشية ص 184(4)
الطائف ، ص 97(5)
العرب ، سنة 41 ، ص 137 ــ 147 (6)
كنت قد وهمت بأنّ بني سعد هم من شبابة نسبا اعتمادا على وثيقة نشرها الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسّام في كتابه علماء نجد في ستة قرون ج 3 ، ص 726 وقد تحقّق لدينا أن شبابة في هذه الوثيقة من بني سعد وعليه فإنّ بني سعد لا ينحدرون من قبيلة شبابة التي ذكرها علماء الأنساب والبلدانيات وغيرهم وقد حاولنا الحصول على نسخة من هذه الوثيقة لدراستها وتحليلها دون جدوى فكان هذا سبب توهّمنا بنسبة بني سعد إلى شبابة وممّا ساهم في هذا الوهم نصوص لبعض أهل العلم وغيرهم وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ قال الزركلي : " بنو سعد هم رؤوس شبابة " ( ما رأيت وما سمعت ص 152)
2ــ قال شكيب أرسلان في رحلته سنة 1348هــ 1930م : " عتيبة تسمى شبابة " ( الارتسامات اللطاف ص 172)
3ــ قال الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تعالى : " يطلق اسم شبابة في عصرنا على مجموعة من القبائل يجمعها التحالف لا النسب وهم بنو سعد الذين كان يطلق عليهم الاسم .. " ( العرب سنة24 ص67)
4ــ قال الأستاذ عبد الرحمن بن زبن المرشدي العتيبي : " إن لفظة شبابة شملت قبائل أخرى لا صلة لها بعتيبة إلا أن الاسم يكاد يختص بها " وقال : " افتخارهم بشبابة كثير مشهور وهو بشعراء عتيبة أشهر لأنه اسمها الأول " ( العرب سنة 28 ص38 ) وقال : " شبابة مجموعة قبائل متحالفة وأساسها الأول عتيبة " وقال : " اصلها : قبيلة عتيبة إحدى قبائل شبابة " وقال : " أما سلسلة نسبها فهي : عتيبة بن شبابة " ( العرب سنة 28 ص 39 و 40 و حاشية ص 69)
5ــ قال دليم الطر المرشدي العتيبي:
حنا شبابة نأخذ الفعل بالدول **************** حبل يمدونه وحبل نشده
وقال سلطان المريبض الرويس العتيبي:
لا جاك طرقي العتيبي عقب ياس *************** ينشد عن العتبان باغ شبابة
(العرب سنة 28 ص 38 ) وقد جاء عجز البيت في رواية أخرى:
ينشد عن العتبان صفوة شبابة
6ــ قال الشاعر عبد الله بن ناصر بن شيحان الجبري السبيعي في ذكر قومه سبيع:
وانشد الدوشان والعجمان عنا *************** والدواسر واحدادنا من شبابة
( ديوان الشاعر عبد الله بن ناصر بن شيحان الجبري السبيعي ص 12 )
قلت : يعني بشبابة هنا قبيلة عتيبة
6ــ في ذكره لبعض فروع بني سعد وهي : المحايا والسمرة والغبيات والروسان ( المراوحة ) نسبها المغيري إلى شبابة ( المنتخب ص43 ) وهذا يعني أن أصل هذه الفروع ( وهو بنو سعد من عتيبة ) من شبابة نسبا
والصحيح في هذا كلّه أن بني شبابة هم من بني سعد نسبا وقد اضحوا رؤوس بني سعد وقد طغى اسمهم على حلف ضمّ عددا من القبائل المختلفة النسب ومن القبائل التي شملها حلف شبابة :
1ــ عتيبة 2ــ حرب 3ــ فهم 4ــ عدوان 6ــ زهران
(معجم قبائل الحجاز ص242 ــ 243 ، معجم معالم الحجاز ج5 ص16 و ج6 ص37 ــ 38 ، معجم قبائل المملكة العربية السعودية ج1 ص186 و 334 ، الطائف حاشية ص95 ، مجلة العرب سنة 3 ص825 و سنة 24 ص68 و سنة 27 ص260 و سنة 28 ص70)
قال المغيري في ذكر شبابة : " فانه كان في الزمن القديم إذا حضر وقت الموسم فادعى رجل أنه من شبابة اجتمعت عليه عتيبة وحرب وجهينة ومن هذه القبائل بطون بعضها من بعض وهي من شبابة " ( المنتخب في ذكر قبائل العرب ص 43 ) وقال الشيخ عاتق بن غيث البلادي : " كل عرب مصر والمغرب ينضمون تحت اسم شبابة " ( معجم قبائل الحجاز ص 243 ) وقال الأستاذ عبد الرحمن بن زبن العتيبي : " كان حجاج الأمصار إذا وردوا مكة انضم أهل الشام والغرب إلى شبابة وانضم أهل مصر إلى خندف " ( العرب سنة 28 ص 70 ) ونحن نبرأ إلى الله تعالى من وهمنا بالقول أنّ بني سعد من شبابة نسبا فالصحيح أنّهم بنو سعد بن بكر بن هوازن كما تحقّق لدينا في هذه الرسالة
البداية والنهاية ، ج 2 ، ص 256(7)
الأغاني ، ج 12 ، ص 439(8)
(9)العقد الفريد ، احمد بن محمد بن عبد ربّه ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ط 2 ، 1381 هــ 1962 م ، ج 4 ، ص 251
نشوة الطرب ، ج1 ، ص 511(10)
العقد الفريد ، ج 4 ، ص 251(11)
(12)الاستذكار ، ابن عبد البرّ ، وثّق أصوله وخرّج نصوصه ورقّمها الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي ، دار قتيبة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، ط 1 ، دار الوعي ، حلب ، القاهرة ، القاهرة المحرّم 1414 هــ تمّوز يوليو 1993 م ، ج 8 ، ص 39
(13)البرهان في علوم القرآن ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، المكتبة العصرية ، صيدا ــ بيروت الطبعة الثانية : ذو القعدة 1391 هــ يناير 1972 م ، ج 1 ، ص 283 ، وأنظر المزهر في علوم اللغة وأنواعها ، ج 1 ، ص 210
سبل الهدى والرشاد ، ج 1 ، ص 391(14)
تاريخ النور السافر ، ص 197(15)
التنبيه والإشراف ، ص 209(16)
الأغاني ، ج 14 ، ص 336(17)
شعر أبي وجزة السعدي ، ص 124 و 117 و 118 و 119(18)
نهاية الأرب في فنون الأدب ، ج 2 ، ص 335(19)
الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر ، ص 47(20)
البدو والوهابية ، ص 181(21)
البدو ، ج 1 ، ص 566 و 567(22)
قلب جزيرة العرب ، ص 155فروع قبيلة بني سعد (23)
يتبع