عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 04-Nov-2010, 06:54 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو عبد الملك الرويس
عضو ماسي

الصورة الرمزية أبو عبد الملك الرويس

إحصائية العضو






أبو عبد الملك الرويس غير متواجد حالياً

افتراضي زهرات الربا ونسمات الصبا من أخبار ولطائف مَن مضى (2)

بسم الله الرحمن الرحيم


قال حكيمُ العربِ زهير بن أبي سُلمى :

لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُهُ = فلم يبقَ إلا صورة اللحمِ والدمِ

وهذه حكاية وردت عن لسان الجاحظ (ت : 255هـ) حاكيًا عنه هو نفسه : أنه فيما هو يسير في طريق إذ برجلٍ جالس متربّع في جلسته ، قصير القامة ، غليظ الهامة ، طويل شعر الناصية ، في يده مشط يمشطّ به شعره . فلمّا رآه على هذه الهيئة استحقره وازدراه ، وقال في نفسه ما هذا إلا أبله ؛ فقال له : لقد قلتُ فيك شعرًا . فقال : هاته . فقال :

كأنّكَ صَعوة (1) في وسْط حُشِّ (2) = أصابَ الحشَّ طشٌّ بعدَ رشِّ


فلم يغيّر جلستَه ، ولم يترك تمشيط شعره ؛ فظنّ الجاحظ أنّه لم يعِ ما قاله له إلا أنّه ردّ عليه فقال له في الحال : ولقد أجبتُكَ ! فقال الجاحظ مُتعجّبًا : هاتِه ! فقال :

كأنّك علكةٌ في ذيلِ كبشِ = تُدلْدِلُ هكذا والكبشُ يَمشي




فألجم الجاحظ بردّه ، وغلبه ببديهته ؛ فمضى الجاحظ مغمومًا ، وأمّا الرجل ؛ فلم يعبأ بما وقع ؛ وكأنّه ما وقع .

ويُستفاد مما جاء من إيراد أنّ الرجال بأفئدتها وألسنتها لا بأجسامها وهيئاتها ؛ وهذه القصّة تصدّق بيت زهير السابق .


(1)- الصعوة : طائر صغير يعيش في الواحات والأشجار الملتفّة والمتقاربة ، وهو الدخّلة .
(2)- الحُشّ : الأشجار الملتفّة ، كان الناس يقضون فيها حاجتهم ؛ لأنّها تسترهم .



وإلى لقاء بإذن ربّ الأرض والسماء .

بقلم أخيكم : أبي عبد الملك .















آخر تعديل أبو عبد الملك الرويس يوم 04-Nov-2010 في 07:02 PM.
رد مع اقتباس