.
.
الورقة رقم (5)
(خذ شارع فلسطين واتجه غرب, حتى يجيك مستشفى (فقيه) على يمينك, ثم أول إشارة تجيك خذ من عندها فوق تحت .. ثم أول دخله يمين.. 100 متر تقريباً وتحصل الأكاديمية على يسارك!)
كان هذا تحديداً ما نقله إلي الأستاذ محمد الشهري عن مكان الأكاديمية, والذي أعدته على ألسنة محمد وعبدالعزيز حتى تأكّدت أنه حاز على ما يكفي في ذاكرتنا.
توجهنا إلى هناك, ونحن نتطلع إلى مستشفى فقيه.. ونتأكّـد أننا نسير على الطريق الصحيح, "إشارة, دخله يمين".. ها قد وصلنا! [أكاديمية الأمير سلطان لتقنية وصيانة المحركات].
كان شكل المبنى من الخارج .. امممم, مبهم! لولا هذه اللافتة التي تحمل اسم الأكاديمية لما وفقنا في الوصول إليه, لم يكن يوحي إلى الشكل الذي رسمناه وتصورناه عنه في مخيلتنا.
كان مبنى قديم, يحمل مظاهر التجديد, وشكل البويه الخارجية كان يكفي لأن تراهن على ذلك.
كان في الخارج "أمام البوابة الرئيسية" شابّان في أوائل العشرينات, افترضت أنهم هؤلاء الذين سيشاركوننا في العمل خلال فترة
التدريب التعاوني (الأستاذ منصور الغامدي ذكر لنا أن هنالك طالباً من جامعة البترول وآخر من جامعة الملك عبدالعزيز سيكونوا معنا في التدريب).
كان من الصعب إيجاد موقف في وسط اكتظاظ السيارات على المواقف الأمامية والمواقف الجانبية أيضاً, والمواقف التي أمام شقق العمال التي لا شان لها في هذه الأكاديمية!
كنا محظوظين لأننا وجدنا موقف ليس بالبعيد نسبياً عن البوابة لكي نرصف (موترنا), استعدينا للنزول, وتأكدنا من أن ليس هنالك شيئاً خلفنا في السيارة قد نحتاجه
من أوراق أو أية مستلزمات, و(شيّك) كل منا على شخصيته وتأكدنا من أن المرزام يشير إلى منتصف الرأس تماماً, كما تشير إبرة البوصلة إلى الشمال.
استنكرت (عن نفسي) في البداية ماكان يرتدي الشابان من ملابس رياضية, أحدهم كان يرتدي ملابس تشبه تلك التي يرتديها
مغني الراب! (فنيلة تتسع لشخصين تصل إلى منصف الركبة), كنت اعتقد أن الأمر يجب أن يتسم بالرسمية, والشكلية!.
دلفنا إلى الداخل, كانت الساعة تشير إلى ما قبل السابعة بقليل.. بحثنا عن أقرب وأول موظف يصادفنا كي يتمكن من توجيهنا إلى غايتنا.. إلى السيد محمد الشهري.
كان يبدو أننا أتينا قبل الجميع! لم يكن هناك حينها سوى رجل أربعيني يرتدي بدلة رسمية من النوع الفاخر, حتى هيئته الخارجية كانت تشعرك بالفاخمة!
كان أصلع الرأس ذو عينان محدقتان! يشبه كثيراً رئيس الـ كومباني في مسلسل الهروب من السجن Prison Break .
تقدمنا إليه وحييناه بتحية الاسلام, واستفسرنا عن التدريب, وأين سيكون مكان المتدربين هنا في الأكاديمية, رد علينا بسؤال : (أنتم تبع الأستاذ محمد الشهري؟) , فـ كان
ردنا بالإيجاب! تلقائياً واصل مسيره وأشار إلينا بأن نسير وراءه.
واصلنا مسيرنا خلفه ونحن لا ندري إن كان هذا الذي أمامنا هو محمد الشهري! أم أنه سيقودنا إليه فحسب!, كانت المسافة
التي سرنا فيها تغتال هذه التساؤلات عندما دخلنا فجأة إلى ما يشبه صالات الاحتفالات!,صالة ضخمة تحتوي على عدد من الطاولات الحمراء,
أو بالاحرى مغطاه بالشراشف الحمراء, ومنصة تتوسط الجهة اليسرى من الصالة, أمامها جهاز كمبيوتر وجهازي عرض بروجكتور.
طلب منا هذا الأستاذ (حتى هذه اللحظة لم يصرّح باسمه) أن نجلس إلى الطاولات القريبة من المنصة, كان عددنا حينها خمسة أشخاص, نحن الثلاثة وفتى الراب وآخر غامض.
عرّف أخيراً بنفسه "انا الأستاذ عبدالغفور بلخي" كان يتحدث بـ ثقة, برسمية وبصيغة واحدة وبإسلوب مرتب رتيب كانه يقرأ
من سطر واحد .. وأكمل "أنا لي 20 سنة مدرب, أدرب المقبلين على التوظيف بشكل عام من فنيين وإداريين ومهندسين" وبدأ يسرد لنا حكايته مع أرامكو ورحلاته
إلى أمريكا, والكثير عن حياته التي تحمل الإثارة والمسؤولية والقيادية.
كان عدد الحاضرين يبدأ في التزايد.. اثنان وثلاثة .. أربعة! يدخلون إلى الصالة, حتى قررت بعدها أن لا أكمل العد!
بالنهاية, كان هنالك ما يزيد عن الـ 16 شخص في الصالة, موزعين على ثلاث طاولات .. 5 , 6 , 5 . والغريب أننا نحن الثلاثة وآخر معنا فقط من كنا نرتدي الزي السعودي!
بعد ما عرف "بـلـخـي" بنفسه وأعطانا نبذة بسيطة عن شخصه العظيم!. أوضح لنا أننا سنتلقى محاضرات عن دورة عن السلامة والأمان, Safety ,
لمدة ثلاثة أيام "السبت, الأحـد, الإثنين" من الساعة 8 صباحاً وحتى الثالثة عصراً, ثم ننتقل بعدها إلى المطار القديم,
وأن الحضور يجب أن يكون في تمام الساعة الثامنة, الثامنة Sharp. وأنه يجب الإلتزام بـ إرتداء ملابس رياضية, الزي السعودي ليس مسموحاً به في هذه الأكاديمية للمتدربين..!
حدقنا نحن الأربعة في أعين بعضنا ببلاهة , وأحسسنا حينها بالنشاز!
نهاية الورقة رقم (5)
.
.