[د/ نايف العتيبي]

أنصح الناس بالعمرة في رمضان فهي تعدل حجة وفي رواية صحيحة ( حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم )


لاحول ولا قوة إلا بالله .. لا نستغرب أن يضيع الدين وشعائرة أو يقلل من شأنها في هذا الزمان حرصا على الدنيا والحياة ...

إن الذي خلق الشمس والبرد والحر وجعل مكة واد بغير ذي زرع هو الذي شرع العمرة في رمضان وهو الذي يعلم ما يؤل إليه الزمان وهو قادر أن يجعلها أو جوها كالباحة وأبها ..

ولكن الله قال :{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران.

هنا في هذه الآية وإن كانت في الجهاد ولكن عموم اللفظ يبين أن هناك تكاليف تشق على النفس يؤاخذ الإنسان بتركها ويلام على تقديمه الدنيا وحب الحياة على أمر الله والآخرة .


والله تبارك وتعالى شرع لنا عبادات قد يكون في ظاهر بعضها مشقة أو يكون في أدائها ثقل على النفس البشرية وقد حرم علينا بعض المحرمات وهي في ظاهر تناولها محببة للنفس البشرية وكل ذلك كما قال الله تبارك وتعالى : {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (168) سورة الأعراف

وقال سبحانه : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (92) سورة النحل .
وهنا قد يبرر الإنسان بالإيمان القناعات العقلية ليتنصل من التعاليم الشرعية .

إن كثيرا من الخوض في العلل في المقاصد الشريعة منزلق خطير لمن لا علم له بشرع الله فيخوض في التكاليف بعقله فيضل ويضل ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وهذا الفلكي - بحسب الخبر -يقول في ظل وفي ظل وفي ظل ولم يأتي بدليل شرعي وكل ما أتى به عقليا ونظريا وذلك بإجماع أهل العلم والمعرفة يعتبر باطلا ولا يقوم مع الدليل الذي يخالفه ...
بل قد يرد عليه منطقيا فهو لم يذكر حسنة واحدة بل صور لنا أننا سنخرج بعد العمرة محترقين مما سماه ( أجواء المسجد الحرم ومحيطه جزيرة حرارية ملتهبة ليلاً ونهاراً خاصة في أغسطس))أقول هو لم يكن متفائلا ففيما نراه في الحرم الشريف من التهيئة والتهوئة وذلك الرخام الخاص بالصحن الذي ينبعث منه البرد في باقعة الشمس وحميم الظهيرة ولم يذكر التكييف في المسعى وإنما قد يؤثر الحر والشمس للحظات في الطواف وفي النهار أيضا فقط ، وباقي مناسك العمرة لايوجد مايتعرض له المعتمر من الشمس فهو يسعى في أروقة مكيفة ومسقوفة .. وكيف به مع الذين يحجون ويعتمرون في سالف الأزمنة ...
ولو أخذنا بفلسفته لقلنا إنه يصعب الحج وهو أشق من العمرة وأكثر شعائر وأطول مدة في المشاعر ويتقلب الحجيج في الحر الشديد وهم حاسري رؤوسهم لا يرجون الدنيا وإنما يطلبون ماعند الله والآخرة ... وبعضهم يموت وهو محرم ويبعث إن شاء الله ملبيا كما صح به الخبر .

نعم قد نقول إن من يخشى على نفسه فإنه لا يكلف ما يطيق والأمر مندوب ولكنه لا يلغي ولا يبرر لتركه أمرا تعبديا ومشروعا دينيا بتبريرات لايقوم عليها الدليل الشرعي بل تلك التبريرات تصادم الدليل وتخالفه ..

وقد دأب أئمتنا يحثون الناس على التزود من الطاعات والعبادات في رمضان ومن أخصها العمرة في رمضان وبوب أهل العلم في هذا الشأن أبوابا قال البخاري رحمه الله في صحيحه : ( باب عمرة في رمضان ) وساق الحديث بسنده إلى : ابن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال سمعت بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُخْبِرُنَا يقول قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ من الْأَنْصَارِ سَمَّاهَا بن عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا ما مَنَعَكِ أَنْ تحجي مَعَنَا قالت كان لنا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أبو فُلَانٍ وَابْنُهُ لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عليه قال فإذا كان رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فيه فإن عُمْرَةً في رَمَضَانَ حَجَّةٌ - وفي رواية حبيب المعلم به - حجة معي ، والحديث رواه مسلم في صحيحه بنفس الطريق .

وقد تبعه في التبويب الكثير من الأئمة .

أسأل الله أن يهدي الجميع ويوفقنا لما يحب ويرضى .

التوقيع