منذ الأشهر الأولى من عمر الثورة السورية والحديث يتردد بقوة عن وجود تعاون استخباراتي وأمني رفيع المستوى بين كل من النظام السوري وإيران، تعاون وصل ذروته بوصول بوارج إيرانية قيل إنها محملة بالسلاح إلى ميناء طرطوس، حادثة لم يكن بالإمكان إثباتها أو نفيها بسهولة، غير أنها كانت تشي بالكثير مما يدور خلف الكواليس.
الضجة التي أثيرت مؤخرا حول تورط العراق بعمليات تهريب أسلحة إيرانية إلى سوريا، لم تكن متأتية من فراغ، فموقف حكومة المالكي المتأرجح بين دعم لا محدود لحكومة الأسد منذ انطلاق الثورة السورية، ومن ثم تغيير دراماتيكي بتأييد خطوات الجامعة العربية تجاه النظام السوري، في خطوة اعتبرت على أنها محاولة من حكومة المالكي لاستمالة العرب من أجل الحضور إلى قمة بغداد المقرر انعقادها في نهاية الشهر الجاري.
غير أن المتابع لمجريات الأحداث يدرك جيدا أن الحكومة العراقية كانت متورطة بتقديم كل أشكال الدعم لنظام بشار الأسد، متناسية سنوات من الاتهامات بوقوف نظام دمشق وراء عمليات التفجير التي كانت تستهدف العاصمة بغداد تحديدا.
إن الحديث عن تحول العراق إلى ممر للأسلحة الإيرانية إلى سوريا، له العديد من الأدلة التي تعضده، فهو أولا يأتي في خضم تصاعد حدة الصراع الطائفي بفعل رهانات نظام دمشق على تحويل الثورة السورية إلى صراع مذهبي واثني وعرقي، وأيضا مخاوف حكومة المالكي من تولي قيادة سورية جديدة تخلف الأسد، تكون أكثر قربا إلى العرب وأبعد عن التحالف مع نظام طهران، مما يجعلها تعيش هاجس المستقبل الغامض، ناهيك عن الضغوط الإيرانية التي تمارس بقوة على حكومة نوري المالكي.
لقد أكدت تقارير الاستخبارات الأميركية الأخيرة أن العراق تحول إلى ممر آمن للأسلحة الإيرانية العابرة إلى سوريا، بل إن الحكومة العراقية رفضت العديد من الطلبات الأميركية بتفتيش الطائرات الإيرانية العابرة إلى سوريا، حيث أكدت حكومة بغداد أن هذه الطائرات تحمل شحنات غذائية قادمة من إيران إلى سوريا.
ليس صعبا إدراك تحول العراق إلى ممر آمن للأسلحة الإيرانية، فكل ما تقوم به الحكومة العراقية كان يصب في خانة النظام السوري، فالعراق الدولة الوحيدة التي منعت استقبال أي لاجئ سوري، بل إنها شددت رقابتها على حدودها مع سوريا، وقامت بإسقاط الجنسية عن عراقيين من أصل سوري لهم ما يقارب الـ 100 عام، وهم يقيمون في العراق، كما أنها حذرت المناطق الحدودية مع سوريا من تقديم أي دعم لأهالي المناطق السورية المحاذية لهم.
لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن أسلحة إيرانية تذهب باتجاه سوريا دون ذكر العراق، فطريق مرور أي سلاح إيراني إلى سوريا بات يواجه مصاعب جمة، بل إنه أصبح في بعض الأحيان بحكم المستحيل بسبب تخلي حتى أصدقاء النظام السوري عنه، وبالتالي فإن إيجاد بديل لمثل هذه الممرات عبر العراق يبدو أمرا منطقيا.
إن النظام السوري يلفظ أنفساه الأخيرة، ولا يبدو أن جرعات الأكسجين التي يتلقاها عبر الفيتو الروسي أو الصيني، أو عبر دعم إيران وحزب الله له ستكون كافية لبقائه، ومن ثم فعلى الحكومة العراقية أن تبدأ بتغيير موجتها لتتناغم مع منطق الأشياء أولا، ومع الواقع الجديد الذي سيفرضه تغيير النظام السوري.
على الحكومة العراقية أن تدرك جيدا أن استعداء الشعب السوري عليها لن يكون في صالحها أبدا، وهو أمر يتطلب منها إيجاد منافذ أكثر دبلوماسية ووعي في التعامل مع الحالة السورية المتأزمة.
اياد الدليمي
التوقيع |
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
سبحان والحمدلله ولااله الا الله والله اكبر ولاحول ولاقوة الا بالله
 |