عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 21-Nov-2003, 05:57 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
عطش الروقي
عضو نشيط
إحصائية العضو







عطش الروقي غير متواجد حالياً

افتراضي

سبـــيل النجــــــــاة
في معرفة الفرق
بين الخــــوارج و البــغاة


الحمد لله و الصلاة و السلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله و على آله و صحبه .
و بعد ..
فقد نبتت نابتة سوء في عصرنا و ادعت زورا و بهتانا انتسابها للسلف الصالح رضوان الله عليهم ، مرقت من الدين و أفسدت في الأرض الفساد العريض المبين، فلما انكشف عوارها و ظهر فسادها ادعى لها قوم مخرجا و سبيلا و فرجا ، و مثلوها بالصحابة الكرام ممن أخطأ و زللـه مغفور في بحر الصحبة ، و هذا لعمري من الجهل و ظلمته و اتباع الهوى و زللـه ، و لو اطلعوا على ما رسمه أحبار العلم في أسفارهم لما زلوا فذلوا ، و لكن كما قيل :
أتـانا أن سهلا ذم جــهلا ..... عـــلوما ليس يدريهن سهل
علوما لو دراها ما قلاها ..... و لكن الرضا بالجهل سهل

و من نعم الله علي أن اطلعت على ما كتب الحبر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفرق بين هؤلاء النابتة المارقة و بين البغاة ، فأحببت ترتيبه على نقاط لا استدراكا على شيخ الإسلام و لكن ليسهل فهمه على أمثالي .
فأقول و على الله التكلان :
سئل شيخ الإسلام رحمه الله تبارك و تعالى عن البغاة و الخوارج ؛ هل هما طائفة واحدة أم جرى بينهما خلاف في أحكام الشرع ؟ و عن من ادعى الإجماع على عدم الفرق إلا في الاسم ؟ .
فهاك ملخص جوابه في نقاط مرتبة حتى يسهل عليك معرفة الحق ؛ فإنه سبيل النجاة :
- الدعوى بأن الأئمة أجمعوا على أن لا فرق إلا في الاسم هي دعوى باطلة و مدعيها مجازف ، و إنما عرف نفي الفرق عن طائفة من أصحاب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد و غيرهم ، فجعلوا قتال أبي بكر لمانعي الزكاة و قتال علي للخوارج و قتاله لأهل الجمل و صفين كلها من باب واحد و هو باب قتال أهل البغي ، مع اتفاقهم على تعديل طلحة و الزبير و نحوهما من الصحابة ، و يرد على قولهم أن الخوارج عدول كالصحابة الكرام .
- و أما القول بالتفريق فهو قول جمهور العلماء ، و هو المعروف عن الصحابة و عليه عامة أهل الحديث و الفقهاء و المتكلمين و أكثر الأئمة و أصحابهم.
- و من الفروق بين الخوارج و البغاة المتأولين ما ثبت في الصحيح " تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق" ففيه ذكر الطائفة الأولى بالحق و الطائفة الباغية و الطائفة المارقة الخارجة .
- و من ذلك ما جاء من نصوص فيهما ، فجاء في الخوارج ( كما في الصحيحين بألفاظ كثيرة ) " يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ أينما لقيتموهم فاقتلوهم " و في لفظ " لو يعلم الذين يقاتلونهم ما لهم على لسان نبيهم لنكلوا عن لعلم " و جاء في الطائفة الباغية " إن ابني هذا سيد و سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " و قد أصلح الله بين طائفة علي و طائفة معاوية رضي الله عنهما بالحسن بن علي رضي الله عنه .
- و من ذلك أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أمر بقتال الخوارج ابتداء فقال " أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة" ( متفق عليه ) و قال " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " ( متفق عليه ) ، و أما أهل البغي فقال فيهم ربنا تبارك و تعالى و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين ) الحجرات 9 ؛ فإن اقتتل أهل الإسلام فإن الله أمر بالإصلاح بينهم فإن بغت طائفة على الأخرى قوتلت لا ابتداء و لكن بعد بغيها .
- و من ذلك اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على قتال الخوارج ، و أما في قتال أهل الجمل و صفين فأكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا مع هذه الطائفة و لا مه تلك ، و استدلوا بالنصوص الكثيرة في ترك القتال في الفتنة ، و كان علي رضي الله عنه مسرورا بقتل الخوارج و يروي النصوص في ذلك ، و أما في صفين فهو رأي رآه لا نص له فيه ، بل حمد أحيانا من لم ير القتال .
- و من ذلك مدح الرسول صلى الله عليه و آله و سلم للحسن بن علي في حديث " إن ابني هذا سيد ..." فمدحه و أثنى عليه و هو رضي الله عنه تارك للقتال بين الطائفتين مصلح بينهما ، و النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو الآمر بقتال الخوارج و الحض عليه ، فمن سوى بين قتال الصحابة الذين اقتتلوا بالجمل و صفين و بين قتال ذي الخويصرة التميمي و أمثاله من الخوارج المارقين و الحرورية المعتدين كان قولهم من جنس أقوال أهل الجهل و الظلم المبين و لزم صاحب هذا القول أن يصير من جنس الرافضة و المعتزلة .
- و من ذلك اختلاف السلف و الأئمة في كفر الخوارج المارقين على قولين مشهورين، مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل و صفين و الإمساك هما شجر بينهم، و أثبت الله تعالى للطائفة الباغية المقاتلة الإيمان و الأخوة ( كما في سورة الحجرات ) .

و قد ذكر رحمه الله تعالى في جواب آخر ما مقصوده :
الباغي أو المعتدي أو الظالم أو المرتكب لذنب على قسمين :
- متأول كأهل العلم و الدين الذين اجتهدوا و اعتقد بعضهم حل أمر و اعتقد غيره حرمته ؛ فغايتهم أنهم مخطؤون و قد قال تعالى ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) البقرة 286 و قد ثبت في الصحيح أن الله استجاب هذا الدعاء ( صحيح مسلم ) فمن فهم من مسألة ما لم يفهمه الآخر لم يكن ملوما و لا ذلك منقصا لقدره ، فإن فعل ذلك مع علمه بالحكم الصحيح كان آثما و ظالما فإن أصر عليه كان فسقا، و أما إن لم يتبين له بغيه بل اعتقد الحق في فعله و إن كان مخطئا في اعتقاده لم تكن تسميته " باغيا " موجبة لإثمه فضلا عن فسقه ، و من قال بقتال البغاة المتأولين فهذا دفعا لضررهم لا عقوبة لهم مع بقائهم على العدالة .
- غير متأول فيكون بغيه من الذنوب و المعاصي ، و هي تزول بأسباب كثيرة كالحسنات الماحية و المصائب المكفرة و غير ذلك .


هذا ما أراد العبد الفقير إلى ربه أن يفيد به المسلمين ، و الحمد لله أولا و آخرا .















رد مع اقتباس