[الروقي البرقاوي]

بعد التداول
الحظ يبتسم للرجل الشجاع



عبدالله الجعيثن
الشجاعة فضيلة لدى كل الشعوب.. وفي كل الثقافات والعصور.. والفضيلة خصلة وسط بين رذيلتين.. وبهذا فإن الشجاعة تحتل موقعاً موزوناً بين التهور والجبن.. فالتهور رذيلة مذمومة وهو يؤدي بصاحبه في داهية سواء في سوق الأسهم أو في غيره حتى لو نجا مرات أو ربح مرات فإن التهور لا يلبث أن يرديه ويسترد ما أعطاه أضعافاً مضاعفات..
والجبن رذيلة يفوت على صاحبه الفرص السانحة، ويصمه بالتردد والتخوف حتى مع وضوح الأمور وسهولة الدروب.. والحياة عامة، وعالم الأعمال خاصة، في حاجة إلى الشجاعة الحكيمة، وبدونها لا ينجح الإنسان ولا يهدأ ولا يرتاح، ورجل الأعمال بدون شجاعة لا يساوي قلامة ظفر..

والشجاعة في سوق الأسهم خاصة، صفة ذاتية لمن يجنون أعلى الأرباح ويتجنبون أكبر الخسائر، والإنسان في سوق الأسهم لا يحتاج للشجاعة في الاقدام على الشراء بعد الدراسة، ولكن أيضاً في الاقدام على البيع ولو بخسارة حين يترجح له أنه سوف يخسر أكثر إذا لم يتخذ قراراً شجاعاً بالبيع ولو كان خسران..

والمتنبي بعبقريته اختصر أفضل أنواع الشجاعة حين قال:

وكل شجاعة في المرء تغني

ولا مثل الشجاعة في الحكيم

فالشجاعة - كما ذكرنا - خصلة وسط بين التهور والجبن، فصاحبها مقدام إذا حسن الاقدام، ومستعد للاحجام في وقته، تماماً كما هو في الحرب التي يكون اشجع الشجعان فيها بين كرّ وفرّ..

وحكمة الشجاعة في سوق الأسهم هي الاحاطة بكل المعلومات المنشورة، ومعرفة مكرر الشركات ونسب نموها عن ظهر غيب، مع متابعة الأخبار والأحداث والتطورات، وتلك الحكمة هي الرصيد الثمين الذي ينفع صاحبه حين يتوجب عليه اتخاذ القرار بسرعة، فهو يعرف الأوضاع، ويميز بين الشركات، ولهذا تسعفه شجاعته في الوقت المناسب، ويتجاوب مع كل حدث أو اعلان جديد بدون تردد الجبناء أو تهور الحمقى..

ولهذا فإن الحظ يبتسم دائماً للرجل الشجاع، والحظ هنا مجرد كلمة ظاهرة ومأثورة يتناقلها الناس الذين لا يعرفون بواطن الأمور وانما يحكمون على الظاهر، أما الواقع فهو أن النجاح المستحق يقدم نفسه هدية لمن جمع بين الشجاعة والحكمة، ووضع الأشياء في موضعها، فهو يقدم وقت الاقدام، ولا يتردد في الاحجام إذا حسن الاحجام..

وما التوفيق إلا من الله عز وجل..