عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 16-Jun-2004, 09:42 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
فتى الجبل
عضو نشيط
إحصائية العضو







فتى الجبل غير متواجد حالياً

افتراضي إمام الجهاد ( عبدالله عزام ) و إحياء عقيدة الجهاد

لاشك أن الجهاد في الإسلام مر بمراحل متعددة، يقول ابن القيم: كان الجهاد محرما في مكة، ثم مأذونا فيه، ثم مأمورا به في قتال من قاتل المسلمين، ثم أصبح فرضا ضد الكفار في جميع الأرض عندما نزل قوله تعالى:

" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (التوبة: 5)

وقوله تعالى:

" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " (التوبة: 63)

وقد استقر الحكم الأخير إلى يوم القيامة، ولكن المفهوم الحقيقي لآيات الجهاد عاد فانحسر في أذهان المسلمين في القرون الأخيرة، وقد مر الجهاد عبر التاريخ بحالات متعددة:

الحالة الأولى:

ففي الصدر الأول للإسلام كانت آيات الجهاد واضحة في أذهان الجيل الأول، وكان فهمهم لمدلولات ونصوص الجهاد صحيحا، فحملوا السيف وساحوا في الأرض يجاهدون في سبيل الله يفتحون المعمورة ويملأونها قسطا وعدلا .

الحالة الثانية:

فكر عالم الكفر والنفاق : ما هو سر نجاح الفتوحات الإسلامية، وانتشار الإسلام السريع في الأرض، وتقويض الأمبراطوريات الغابرة ؟ فوصلوا إلى نتيجة مفادها: وجود عقيدة جهادية في دين الإسلام، لابد من العمل جديا على نسخها نهائيا من هذا الدين، فعمدوا إلى إيجاد أديان جديدة مثل ؛ القاديانية والبابية والبهائية " تدعو إلى نسخ عقيدة الجهاد، بل أوجدوا أشخاصا يدعون النبوة لأجل هذا الغرض، يقول غلام أحمد مؤسس القاديانية ؛ اليوم ألغي حكم الجهاد بالسيف، لا جهاد بعد هذا اليوم، فمن يرفع بعد ذلك السلاح على الكفار ويسمي نفسه غازيا يكون مخالفا لرسول الله - (ص) . كل ذلك لأجل نسخ الجهاد من دين الله تعالى وسلخ هذه العقيدة نهائيا من عقيدة المسلمين .

الحالة الثالثة:

عندما ماتت هذه الحركات الهدامة في مهدها بموت مؤسسيها، وفشلت هذه الطريقة بتدمير ونسخ عقيدة الجهاد من قلوب المسلمين، لجأوا إلى طريقة أخبث حتى لا تثير انتباه المسلمين وذلك عن طريق المستشرقين

بتشويه صورة الجهاد أمام أنظار الناس في الأرض، فقاموا بحملة مركزة وهجوم عنيف على عقيدة الجهاد، وأثاروا الشكوك والشبهات حولها، وكان من ترهاتهم ... دين الإسلام قام بالسيف ودينكم همجي يدعو إلى القتل وسفك الدماء، ودينكم ؛ الجهاد « هجومي، أي يبادر في الإعتداء ......الخ .وكان المسلمون في هذه المرحلة الزمنية يمرون بمرحلة ضعف، وتفوق عسكري وصناعي لأعدائنا، فراح المسلمون يصدقون العبارات التي يروجونها وانطلت على كثير من المسلمين . ولأجل تنفيذ غرض الكافرين ; فقد لجأوا إلى إيجاد منظمات وهيئات دولية ؛ مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة، الجمعية

العمومية، منظمة حقوق الإنسان « وهي عبارة عن منظمات يهودية ترعى شؤون الكفر والكافرين، وتفرض ما تريد على الشعوب المستضعفة في الأرض .إضافة إلى هذا فإن هذه الهيئات ما وجدت إلا لتقف في وجه مصلحة المسلمين وعدم تحقيق أهدافهم، وحتى يقال بعد ذلك للسذج من المسلمين:لم تلجأون إلى استعمال السيف لتحقيق أهدافكم؟! الأولى بكم أن تحتكموا - ليس لعقولكم - لعقول غيركم الذين هم في أنظار أهل الأرض سادتها وحكامها .

الحالة الرابعة:

وهي مرحلة مسخ وتشويه صورة الجهاد في أذهان وحياة المسلمين .وهذه جاءت نتيجة لمحاولات المستشرقين، إذ هزمت أرواح المسلمين أمام ضغط الواقع وهجوم المستشرقين على الجهاد، فذهب المسلمون بدافع طيب يدافعون وينافحون عن أنفسهم على استحياء وبروح انهزامية، فقالوا: إن ديننا ما قام بالسيف، بل بالحكمة والموعظة الحسنة، وإن ديننا ليس هجوميا وإنما شرع الجهاد لأجل الدفاع فقط ....الخ . وبدأت محاولات تمييع الجهاد وتأويل آياته ونصوصه ولي أعناقها لصالح الكفر،والتبس أمر الجهاد حتى على العلماء، وأصبح الجهاد في نظرهم مقصورا على خطبة تلقى، أو كتاب يؤلف عن الجهاد دون أن يرمي صاحبه سهما واحدا في سبيل الله، بل أصبح الجهاد في نهاية الأمر عبارة عن كلمات وتمتمات تقال على المنابر يوم الجمعة، وغاب مفهموم الجهاد الحقيقي عن أذهان المسلمين ردحا من الزمن، وماتت هذه الفريضة في إحساس وواقع الأمة الإسلامية نهائيا تقريبا .

في ظل هذا الواقع فتح الله باب الجهاد على أرض أفغانستان، وقيض الله لهذه الأمة الإمام الشهيد عبدالله عزام الذي رفعه الله تعالى إلى ذروة سنام الإسلام، فوقف الشهيد يحاول أن يرتفع بهذه الأمة التي هبطت من القمم إلى القيعان، ليرتفع بها مرة اخرى إلى ذروة سنام الإسلام .

جاء الشهيد عزام ورفع صوته عاليا ليعلن للمسلمين في الأرض دون خوف أو مواربة ... نعم إن ديننا قام بالسيف، وإن السيف هو الطريق الوحيد لإزالة العقبات وإزالة رؤوس وأئمة الكفر .

وفي الوقت الذي أصبح الجهاد مستغربا في دنيا المسلمين جاء الإمام الشهيد عزام على قدر من الله تعالى، فأراد أن يؤكد للعلماء والدعاة في الأرض أن الفعل لابد أن يسبق القول، فحمل راية الجهاد أولا على روابي فلسطين، ثم على أرض افغانستان، ومضى مجاهدا في سبيله، وصمم أن لايضع البندقية من يده، ولا يحط رحاله حتى يرى دولة الإسلام قائمة فوق الأرض .وبذلك يكون الإمام الشهيد له القدح المعلى في إحياء هذه الشعيرة ؛ الفريضة الغائبة « التي غابت عن واقع المسلمين فعليا زمنا طويلا .

كما كان للإمام الشهيد الشرف في إعادة الجهاد إلى مكانه الطبيعي في أذهان المسلمين، كما أعاد مفهوم الجهاد الحقيقي لآيات الجهاد فتغ ير تفكير العلماء بعد أن كان مقلوبا، فكان إستعمال البندقية والمدفع مشطوبا في أذهانهم بعد أن حرفت الفاظ وآيات الجهاد عن ظاهرها ومعانيها الشرعية، وتلب س معانيها على العلماء، وبذلك يكون إمام الجهاد هو أول من أعاد الفهم الصحيح لآيات الجهاد إلى عقول العلماء، وأرجعهم إلى المصطلح الشرعي للجهاد وهو القتال حتى لا يتلاعب بآياته مرة أخرى .

وقد كان إمام الجهاد يدرك تماما أن الأمة الإسلامية قد طال سباتها ومنامها قرونا كثيرة، ولا يمكن أن تستيقظ على الخطب والكلام، ولا يوقظها إلا حرارة الدم، وسقوط الرؤوس من الشهداء .

لهذا رأى أنه لابد من تجمع إسلامي من شباب العالم الإسلامي تحشد فيه طاقات الأمة على أرض أفغانستان ليمتزج الدم المسلم الواحد، فنادى بفريضة الجهاد بعد ضياع ديار المسلمين ووقوعها في قبضة الكافرين،وبدأ الشباب المسلم فعليا يتوافدون إلى افغانستان، بل بدأوا يتنافسون على الشهادة في سبيل الله، ويحرصون على الموت أكثر من حرصهم على الحياة .

وأصبحت القيم الأخروية هي محط أنظارهم،وما عاد للقيم الدنيوية أي قيمة عندهم، تركوا الوظائف والجامعات والمعاهد والمدارس والشركات وأقبلوا على ساحات الجهاد .

وبذلك يكون الإمام الشهيد عزام قد غرس الأمل في أعماق المسلمين، وأثبت الجهاد في أفغانستان على أنه يمكن أن يعود لهذه الأمة مكانتها في السيادة والريادة،كما أثبت قدرة الإسلام على قيادة البشرية من جديد .

وأخيرا : إن ماتقدم يعطينا الحق والقدرة على التأكيد على أن الإمام الشهيد عزام كان بحق فارس وإمام المجاهدين الذي عمل على إعادة الأمة التائهة إلى خطها الأصيل الذي طال انحرافها عنه .


رحم الله الشيخ الدكتور المجاهد الشهيد عبدالله عزام .........















رد مع اقتباس