عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 21-Jun-2009, 08:23 PM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو







متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الحادي والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أسرعوا بالجنازة‏.‏ فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه‏.‏ وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم‏)‏ متفق عليه‏.‏

هذا الحديث محتوٍ على مسائل أصولية وفروعية‏.‏

فقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أسرعوا بالجنازة‏)‏ يشمل الإسراع بتغسيلها وتكفينها وحملها ودفنها، وجميع متعلقات التجهيز‏.‏ ولهذا كانت هذه الأمور من فروض الكفاية‏.‏ ويستثنى من هذا الإسراع إذا كان التأخير فيه مصلحة راجحة، كأن يموت بغتة، فيتعين تأخيره حتى يتحقق موته‏:‏ لئلا يكون قد أصابته سكتة‏.‏ وينبغي أيضاً – تأخيره لكثرة الجمع، أو لحضور من له حق عليه من قريب ونحوه‏.‏ وقد علل ذلك بمنفعة الميت لتقديمه لما هو خير له من النعيم، أو لمصلحة الحي بالسرعة في الإبعاد عن الشر‏.‏

وإذا كان هذا مأموراً به في أمور تجهيزه، فمن باب أولى الإسراع في إبراء ذمته من ديون وحقوق عليه، فإنه إلى ذلك أحوج‏.‏

وفيه‏:‏ الحث على الاهتمام بشأن أخيك المسلم حياً وميتاً، وبالإسراع إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه‏.‏ كما أن فيه‏:‏ الحق على البعد عن أسباب الشر، ومباعدة المجرمين، حتى في الحالة التي يبتلى الإنسان فيها بمباشرته‏.‏

وفي هذا الحديث‏:‏ إثبات نعيم البرزخ وعذابه‏.‏ وقد تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن مبتدأ ذلك وضعه في قبره إذا تم دفنه، ولهذا يشرع في هذه الحال الوقوف على قبره والدعاء له، والاستغفار، وسؤال الله له الثبات‏.‏

وفي هذا أيضاً‏:‏ التنبيه على أسباب نعيم البرزخ وعذابه، وأن أسباب النعيم الصلاح؛ لقوله‏:‏ ‏(‏فإن كانت صالح‏)‏ والصلاح كلمة جامعة تحتوي على تصديق الله ورسوله، وطاعة الله ورسوله‏.‏ فهو تصديق الخبر، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، وأن العذاب سببه الإخلال بالصلاح‏:‏ إما لشك في الدين، أو اجتراء على المحارم، أو لترك شيء من الواجبات والفرائض‏.‏ وجميع الأسباب المفصلة في الأحاديث والآثار ترجع إلى ذلك‏.‏ ولذلك قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَصْلَاهَا إِلا الأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏}‏ كذب الخبر، وتولى عن الأمر‏.‏