{ الزنا من أكبـــر الكبـــائـــر }
إن كثرة الكلام على الإجهاض و إثبات النسب و انتشار اللقطاء و أولاد الزنا من نتاج الحريات المزعومة ، و من لوثة تقليد الغرب و متابعته حذو النعل بالنعل ، و رغم سهولة ارتكاب الفواحش إلا أننا نسمع عن زيادة جرائم الاغتصاب ، و التي تتم في وضح النهار و على مرأى ومسمع من الخلق !! و كأن الحرام السهل ما عاد يشبع الشهوات البهيمية المتأججة ، و هذا نتاج البعد عن منهج الله .
و ماذا يتصور أن ينجم من وراء الأغاني و الرقصات و الأفلام و الموضات الخليعة؟
******
الاختلاط وثمراته النكدة
إن شيوع الاختلاط في المدارس و الجامعات و أماكن العمل و البيوت
بزعم الصداقة البريئة قد أدى إلى انتشار الرذائل والقبائح
و زيادة حالات الزواج العرفي
و النكاح بدون ولي ، فالمرأة يزوجها الولي ، و الزانية هي التي تزوج نفسها ،
بل ساعدت الأعراف الفاسدة و دخول ابن العم و ابن الخال و أخي الزوج
و الجار و الصديق على المرأة بمفردها على كثرة صور الخيانة ،
فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ، و الحمو الموت.
******
الإعلام والدور القذر
ولا نغالي لو قلنا : إن نشر الفواحش و القبائح على الملأ من خلال
وسائل الإعلام المختلفة ،ومن خلال الأفلام الهابطة وأغاني الفيديو
كليب الساقطة الماجنة، والصور الخليعة في الجرائد السيارة
وعلى أغلفة المجلات المختلفة، والحط من شأن الأتقياء ،
و رفع شأن المتهتكين والمتفحشين مما ساعد على ذلك ،
بحيث صار البعض يتباهى بارتكاب الزنا و أصبح الجنس
والغريزة أدباً و فناًَ !! "و ما ظهرت الفاحشة فى قوم حتى
أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن مضت في
أسلافهم الذين مضوا ..... "
(رواه ابن ماجة و الحاكم و صححه الألباني).
و لذلك لا يستغرب انتشار الإيدز و الزهري و السيلان ..وغيرها من الأمراض الفتاكة عقوبة من الله تعالى لمن تساهل في هذه الفاحشة.
*****
تعريف الزنا وحكمه
الزنا هو وطء المرأة من غير عقد شرعي ، و هو من الكبائر باتفاق العلماء ، قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).
و قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68).
و قال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2) .
و قد بدأت الآية بالزانية قبل الزاني لأن الزنى من المرأة أفحش .
*****
الزنا بحليلة الجار
و أفحش أنواعه الزنا بحليلة الجار؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال:
"أن تجعل لله ندا وهو خلقك" فقلت: ثم أي؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك"
(رواه أبو داود، وصححه الألباني) .
و الزنا أكبر إثماً من اللواط ؛ لأن الشهوة داعية إليه من الجانبين
فيكثر وقوعه و يعظم الضرر بكثرته ، و لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ،
و بعض الزنا أغلظ من بعض ، فالزنا بحليلة الجار أو بذات الرحم
( كالأخت و البنت و العمة .... ) أو بأجنبية فى شهر رمضان ،
أو فى البلد الحرام فاحشة مشينة ، و أما ما دون الزنا الموجب للحد فإنه
من الصغائر إلا إذا انضاف إليه ما يجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب
أو حليلة الابن أو مع أجنبية على سبيل القهر و الإكراه .
****
حد الزنا
و الزاني البكر يجلد مائة و يغرب عاماً ( أي يبعد عن بلدته)، أما المحصن
( الذى سبق له الزواج ) فحكمه الرجم ، ولابد في ذلك من الإقرار
أو شهادة أربعة شهود ؛ إذ الشرع لم يتشوف لكثرة عدد المحدودين والمرجومين.
****
ضوابط لابد منها
هناك ضوابط لابد من مراعاتها عند الحديث عن جريمة الزنا وإثباتها
وبالتالي إقامة الحد ،
ومن هذه الضوابط:
أنه لا يصلح الإكراه لانتزاع الاعتراف ، كما يجوز للإنسان أن يستر على نفسه
و يتوب إلى ربه ويكثر من الحسنات الماحية للخبر:" اجتنبوا هذه القاذورات
التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألم فليـسـتـتر بستر الله عز وجل، فإنه من
يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله "، و لقول النبي صلى الله عليه و سلم لهزال
الذي أتى بماعز الأسلمي لإقامة الحد عليه :" لو سترته بثوبك لكان خيراً لك ".
(حسنه الألباني في الصحيحة) و يجوز التجسس لمنع وقوع الفاحشة ،
لا لضبطهما
متلبسين كما نقله ابن رجب عن الإمام أحمد ،
و لو ضبط الرجل مع المرأة في لحاف واحد ، فهذا يستوجب التعزير لا الحد ،
إذ لابد أن يكون الأمر كالرشا في البئر و الميل في المكحلة ،
و أن يأتي منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً .
*****
الزنا من أخبث الذنوب
و ما في الزنا من نجاسة و خبث أكثر و أغلظ من سائر الذنوب ما دون الشرك ،
و ذلك لأنه يفسد القلب و يضعف توحيده جداً ، و لهذا كان أحظى الناس
بهذه النجاسة أكثرهم شركاً ، و قال الذهبي : النظرة بشهوة إلى المرأة و الأمرد زنا ،
و لأجل ذلك بالغ الصالحون في الإعراض عن المردان
( الشاب الوسيم الذى لم تنبت له لحية )
و عن النظر إليهم و عن مخالطتهم و مجالستهم و كان يقال : لا يبيتن رجل
مع أمرد في مكان واحد ، و حرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت
أو حانوت أو حمام قياساً على المرأة ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
" ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
و فى المردان من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم ...... اهـ
و الشذوذات التي تزكم الأنوف كثيرة ، بل بلغت الوقاحة و الجرأة بالبعض
مبلغاً جعلته يطالب بإباحة اللواط و السحاق. و كان عمر بن عبد العزيز يقول :
لا يخلون رجل بامرأة و إن كان يحفظها القرءان ، فلا يعتد بالنوايا الطيبة
فمعظم النار من مستصغر الشرر ، ولابد في هذا وغيره من صحة العمل .
و قد نهى الإسلام عن كل أنواع الزنا ، سراً كان أو جهراً و سواء كان
احترافاً أو مجرد نزوة عابرة من حرة أو من أمة ، من مسلمة أو غير مسلمة ،
كما نهى أيضاً عن الخطوات التي تسبقه و تؤدي إليه من نحو المخادنة
و المصادقة ، و حرم الخضوع بالقول و سفر المرأة بدون محرم
وغير ذلك من الأمور التي شرعها الإسلام لصيان الأعراض والأفراد
والمجتمعات من هذه الجريمة النكراء.
*******
العفة مطلوبة من الرجال والنساء
لو رجعنا إلى قول الله تعالى: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان )
" سورة المائدة : 5 " لوجدناه قد دعا إلى العفة الرجال كما دعا إليها النساء،
قال ابن كثير : كما شرط الإحصان في النساء و هي العفة عن الزنا كذلك
شرطها في الرجال ، و هو أن يكون الرجل محصناً عفيفاً و لذلك قال:
" غير مسافحين " و هم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردون
أنفسهم عمن جاءهم ، ولا متخذي أخدان :
أي ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهم. اهـ.
*****
الزنا كبيرة وهو درجات
لقد ذكر العلماء مراتب متفاوتة للزنا ، فالزنا بأجنبية لا زوج لها عظيم ،
و أعظم منه بأجنبية لها زوج و أعظم منه بمحرم ، و زنا الثيب
أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما ، و زنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ،
و زنا الحر و العالم لكمالهما أقبح من زنا العبد و الجاهل ،
و في الحديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم
و لهم عذاب أليم : شيخ زان ، و ملك كذاب ،
و عائل ( فقير ) مستكبر ". ( رواه مسلم)
و ورد : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يثبت الجهل
و يشرب الخمر و يظهر الزنا ". (رواه البخاري و مسلم).
و المرأة إذا أكرهت على الزنا لا يزول عنها وصف البكر
و تنكح بنكاح الحرة العفيفة ، قال تعالى:
( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(النور: من الآية33).
*****
المال المكتسب من الزنا
إذا تابت المرأة و عندها أموال اكتسبتها من الزنى فعليها أن تبادر بإخراجها
إلا إن احتاجت هذه الأموال فى سداد دين أو نفقة واجبة كما قال ابن تيمية ،
و تجوز الصدقة على الزانية لحديث الرجل الذي تصدق بصدقة فوضعها
في يد زانية و أصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية ،
قال: اللهم لك الحمد على زانية ..... و في بقية الحديث:
"أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها ".
(رواه البخاري و مسلم) .
و استحلال الزنا كفر بالله تعالى ، و عن ابن عباس – رضي الله عنهما –
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يا شباب قريش احفظوا فروجكم
لا تزنوا ، من حفظ فرجه فله الجنة ".
(رواه البيهقي و الحاكم و قال صحيح على شرط البخاري و مسلم).
و قال المسيح – عليه السلام – " لا يكون البطالون من الحكماء ،
ولا يلج ( لا يدخل ) الزناة ملكوت السماء " .
و قال أبو هريرة – رضى الله عنه –
" من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه " .
" اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شر انفسنا "
" فاللهم طهر القلوب و حصن الفروج و اهدنا سبل السلام و جنبنا الفواحش
ما ظهر منها و ما بطن "
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين