راح ورجع .. !؟ (3 - 3)
.
.
.
وتوالت الأيام ومرّت الأعوّام والوضع على ما كان حتى حلّت لحظة خطا فيها خطوة منحدرة ومُدحدرة إلى الحفرة الخطرة ، بل هي الخطوة الأوسع انحدارًا تجاهها ؛ حينما صدح فيها صاحبنا بطلبه الزواج من زميلته ومراقبة موقعه الحامل اسمًا لا فكرًا اسم بلدته أمامها ، فاستجمعت بسرعة كلّ قواها لتكتم في نفسها ضحكتها التي فضحتها عيناها .. إلا أنّ صاحبنا كان أقلّ مقدرة بكثير على كشف هذا الأمر الدقيق العسير .. قائلة له مستغلّة هذه الفرصة : أنا موافقة ، ولكن .. !؟
فاختلط في نفسه الفرح والترح قائلاً : ولكن ماذا ..؟!
فقالت : ولكن بشرط ، وهو شرط لا يمكن أن أتنازل عنه مع أنه في إمكانك ، وفي متناول يدك أنت .. !؟
فحار وخار إلا أنه قال : قولي لي ؛ ما هذا الشرط والحدّ الذي تناوله وتجاوزه تحت قدرة اليد ؟!
فأجابت : أنا ليبرالية عقيدة وطريقة ، وأنت ليبرالي طريقة لا عقيدة ، ولا يمكنني أن أرتبط ـ أبدًا ـ برجل لا يؤمن بالليبرالية عقيدة ، ولو اتبعها طريقة ، وإن كان أحبّ الناس إليّ ، وأقربهم إلى قلبي ؛ لأنها تبقى الأحبّ إلى قلبي من كلّ أحد .. !
فقال : ليبرالية ، وما هذه الليبرالية ؟!
فقالت : هي أعظم فكر اعتقده بشر .. تدعو إلى التحرّر من كلّ شيء ، وإلى الحرية في كلّ شيء ، وإلى رمْي الماضي بكلّ ما فيه في سلّة المهملات ، و عيش الحاضر بكلّ لحظاته في الرغبات والشهوات بعيدًا عن الأديان والأخلاق والعادات .. فهي لذلك أصحّ وأنسب وأنفع معتقد لاستمتاع البشر في هذه الحياة بما في الحياة ..!؟
فقال : ولكن أنا مسلم ، ولا يمكن أن أتخلّى عن عقيدتي إلى أيّ عقيدة أخرى ؛ فماذا أفعل ؛ دلّيني ، ولا تتركيني في حيرتي ، أو تنازلي عن شرطك رأفة بي ومن أجلي .. !
فقالت : هوّن عليك ؛ فالأمر سهل لا يحتاج إلى كلّ هذا التهويل وذاك العويل .. فما عليك إلا أن تدخل وتعتنق هذه الليبرالية ، ولا تنسَ أنّها لا تتعارض مع الأديان ؛ فكثير من معتنقيها ما زالوا إلى الآن على مُسمّى أديانهم الأولى .. وهذا صديقنا العربي ( شبيه إبليس ) الذي أعطيناه أمس لقب الكاتب المميّز في المنتدى ؛ لإدراجه فيه موضوعًا منقولاً (!؟) هو مسلم مثلك ، ولكنه ليبراليّ مثلي >> ( وهنا أرادت أن تثير غيرته زيادة على ما قصدت من إقناعه ) !
فأظهر الاقتناع لا الارتياع بقولها قائلاً لها : حسنٌ ، ولكن كيف يدخل فيها مَن أراد اعتناقها ؟
فقالت : الأمر بسيط يسير أسهل من شرب الخمر (!؟) ؛ تعتقد في قلبك جازمًا موقنًا مع قولك بلسانك : أن لا شريعة متبعة فوق شريعة الحرية ، ولا صوت فوق صوتها ؛ فما تعارض معها اطّرِحَ وتُرِك ، وما وافقها قُبِلَ وأخِذَ كائنًا ما كان ، وأينما كان ، وممّن كان .. وأن مُشرّعيها الذين يجب أن يقبل قولهم وحدهم ، ويردّ قول كلّ مَن خالفهم في قولهم ، ويُقتَدى بهم أنفسهم ، ويُثنَى بكلّ خير عليهم ، ويترك كلّ إنكار عليهم هم : لوك ، وروسو ، واستوارت .. !؟
فشعر بانقباض شديد ، وظلام كئيب ، وذهاب بعيد .. حينما نطق بها لسانُه ، وصدّق بها جنانُه تحت إلحاحها ، ووسط رجائها بطلب لا يُملّ ، وصوت لا يكلّ من معشوقة التي أصبحت فيما بعد هي زوجته .. !؟
.
.
.
ومرّت الأيام عجلى ؛ فتخرّج من الجامعة حائزًا على الشهادة العالية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى والترتيب الأوّل على دفعته ، وتزكية من جميع أساتذته في مقدرته العقلية وحُسن سيرته الذاتية ، وصفاته الخُلقية .. مع أنّه إلى الآن لا يستطيع أن يكتب سطرًا واحدًا صحيحًا باللغة الإنجلينزية إلا بعد أن يرجع إلى زوجته الأمريكية .. ولكن المنفعة تدفع إلى الواسطة ، والواسطة تدفع إلى تغيير الحقيقة بكلّ وسيلة ، ولو كانت وسيلة وضيعة .. وهذه هي حقيقة جليّة من حقائق البشرية .. !؟
>> فعاد إثرَ ذلك إلى أرض الوطن مع امرأته ذات البطن (!؟) ، فتوظّف مباشرة في وظيفة ممتازة موافقة لشهادته الجامعية ودرجته فيها العالية ، ثم عُيّن بعد ذلك كاتبًا وناقدًا ومُحلّلاً : سياسيًا واجتماعيًا وأدبيًا ورياضيًا .. في ستّ من الصحف المحلّية ، وخمس من الصحف الخليجية ، وثلاث من الصحف العربية ، وواحدة من الصحف الإسرائلية .. إضافة إلى استضافته المستمرّة في القنوات الفضائية ؛ فلا يكاد يمرّ يوم أو يومان إلا يشاهده المشاهد ناقدًا أو محللاً ، مُؤيدًا أو معارضًا هنا وهناك .. !؟
* والطريف من أمره في كتابته هذه في صحفه هذه أنه خلال شهر من الزمان قد نُشرَ له عشرون وست مئة وألف (1620) من المقالات مختلفة العنوانات والعبارات إلا أنها متفقة التوجّهات والنكَهات .. تسعون بالمئة (90%) منها منقولة من مقالات أساتذته السابقين في جامعة ( كاوز ) الأمريكية ، وعشر منها ـ فقط ـ هي من بُنيّات أفكاره وعصارات أعصابه ، ونهاية تجاربه وهي الثنتان والستون والمئة (162) المتبقية من الأعداد السابقة .. مئة (100) منها يطالب وينادى فيها إلى إقامة مزاين ومسابقات للبقر .. بشرط ألا يُفصل فيها ـ أبدَا ـ بين الثيران والبقرات في الحظائر والمناشط ، والمآكل والمشارب ، والعَرض والعَدّ .. ويهاجم فيها إقامة إسطبلات ومسابقات للخيل ، وخاصة الخيل العربية الأصيلة (!؟) بحجّة أنها غير موجودة وغير مرغوبة في ولاية كلورادو الأمريكية .. !؟
وأما المقالات الاثنتان والستون (62) المتبقية ؛ فكلّها مطالبة جادّة بإلغاء كلّ القنوات الإسلامية بحجّة أنها تشغل الطلاب عن الاستذكار استعدادًا للاختبار ، وتؤثّر سلبًا في أفكارهم وأخلاقهم ، وتنشر فكرة تعدّد الزوجات بينهم .. وبإقامة بدلاً عنها دُور السينما في كلّ المناطق والأرجاء بحجة أنها تزرع وتقوّي روح المواطنة ، وتقضي على الشعور بوجود المؤامرة في نفوس الأجيال الناشئة والقادمة.. !؟
و** الجدير بالذكر أنه قد أصبح عضوًا مؤسّسًا أو مشاركًا أوشرفيًا في العديد من المنظّمات والتجمّعات والدعوات ، منها لا كلّها :
- عضو المنظّمة الهندية الهندوسية لحماية البقر من البشر .. ( بدعوة مقدّمة من صديقه ( كوماردو ) ) !
- عضو جمعية حقوق الخرفان في أفغانستان ( بطلب من أستاذه ( واشنطن ) ).. !
- عضو جمعية الخمس والمتعة .. بدعوة من صديقه ( شبيه إبليس ) .. !؟
- عضو شرفيّ في الكنست الإسرائيلي ( بتزكية ودعوة من الصحيفة الإسرائيلية التي يكتب فيها ) ..!؟
- عضو فرقة عبّاد الشيطان ( وهذه انضمّ إليها تضامنًا مع زوجته ( كوندرايس ) ) ..!؟
و
* الطريف في الأمر أن أستاذه الأمريكي ( واشنطن ) قد ألّف فيه كتابا أسماه : ( مستر ( كاو ) وانجازاته الإصلاحية في الخليج والدول العربية ) ذاكرًا من إنجازاته هذه نشره لثقافة احترام البقر بين البشر في تلك الدول ، ورفضه زيارة ومقابلة والده لأنّه يريد الزواج على والدته ضاربًا ـ على زعمه ـ أروع مثلٍ لأبناء تلك المنطقة على التضحية من أجل تطبيق ما جاء في كتاب الإنجيل المُقدّس..!؟
هذا الكتاب الذي اعترض عليه صاحبنا غاضبًا ـ فقط ـ من لفظة ( كاو ) ، ووافق عليه كلّه مرحبًا بكلّ ما جاء فيه من حقائق وفق زعمه .. !
* وتلزم الإشارة إلى أنه يُعرف في كلّ الدول الغربية بـ ( مستر كاو ) ، وفي الدول الخليجية والعربية بـ ( أبو بقرة ) ، وفي بلدته بـ ( ثيوران ) من زمان ..
وما زال ( ثيروان ) على حاله هذه إلى الآن ..
في ظلّ وجود وهيمنة ودعْم الأمريكان .. !؟
.
.
.
.
.
.
.
* ويبقى كلّ الخلق ومنه الإنسان والزمان والمكان في قبضة الله عظيم الشأن ، فبأمره وحده جرى ويجري كلّ أمر .. وله وحده الحكم والأمر ، وإليه وحده يؤول كلّ شيء ، فلا معقّب لحكمه ، ولا رادّ لأمره وقضائه ، ومنه وعده بنصرته لدينه وعباده ـ سبحانه ـ ..
* فارس نجد المجد *
( عاشق الحقيقة )
تمام النشر هنا :
28/2/1431
هـ
التوقيع |
الآراء كثيرة مُتباينة .. وتبقى الحقيقة واحدة .. تراها العين التى ترَى بالعقل من منظار النقل و الهُدى ، لا العين التي ترَى من منظار الفِسق والهَوى !؟
.
.
|